العدد 23– أغسطس/آب 2024

| 98

حيث إن األخير هو األســهل في اســتعادة أحداث وقعت في الحيز العام المشترك، كل " بخالف النمط الفردي الذي هو شخصي. وال يرى أي تعارض بينهما، معتبًرًا أن .) 5 ذاكرة فردية هي وجهة نظر تطل على الذاكرة الجمعية( ويشــير هالبواش إلى أن الذاكرة الفردية ليســت مغلقة ومعزولة، لكي يستذكر الفرد ماضيــه الخــاص، فهو في حاجة إلــى ذكريات اآلخرين، مبــرًزًا أن الذاكرة الفردية والجماعية تربط بينهما عالقة تكاملية. مضيًفًا أن استناد ذاكرة الفرد إلى ذاكرة الجمع إنما هو لسد ثغرات الذاكرة الفردية، بل توطيدها أي ًضًا، من دون أن ُيُقِّلِل هذا األمر من استقالليتها ودورها في تشكيل الذاكرة الجمعية التي تتطور وفق قوانينها الذاتية، وأنها في نهاية المطاف، مؤَّلَفة من ذاكرات فردية متعددة ومتنوعة تسهم في تأسيس .) 6 الوعــي الجمعي للجماعة التذكرية، حالما تتموضع بصورة ال فردية، أي جمعية( " األطر المرجعية للذاكرة والذاكرة الجماعية " إال أنه يقر في الوقت نفســه في كتابه على أن الذاكرة الجماعية أبعد من أن تتشكل من مجموع من الذكريات الفردية، بل ). وهذا التحليل يختزل الوعي الشخصي 7 هي أســاس الذاكرة والوعي الشــخصي( إلى مصدر جماعي، أي إلى األطر االجتماعية التي ينتمي إليها. فالوسط االجتماعي يتحــرك فينا، ســواء كَّنَا واعين بتأثيره أم ال. بهذا تخفــي أفكارنا أو ذكرياتنا األكثر .) 8 حميمية شبكة من المعاني القادمة من المجتمع الخارج عَّنَا( ويقيم هالبواش تعار ًضًا واض ًحًا بين الذاكرة والتاريخ، فهو ضد خلط الذاكرة بالتاريخ، وضد االستعمال غير الدقيق لهذا المصطلح حتى في األدبيات الغربية، التي أخذت لو " عنها النصوص العربية ما بات ُيُعرف بالذاكرة التاريخية، ويبرر رفضه هذا بقوله: كان نسيج الذاكرة الجمعية مجرد سلسلة من التواريخ وقوائم من الوقائع التاريخية، . ومن هذا المنطلق " فإنهــا لــم تكن لتلعب إال دوًرًا ثانوًّيًا في تثبيت ذكرياتنا الفردية يفــرق هالبــواش بين التاريخ المكتوب الذي ال يوثــق إال جانًبًا من الماضي وليس الماضي كله والتاريخ المعيش والحي الذي تســتند إليه الذاكرة الجمعية التي تتميز عن التاريخ بخاصيتين أساسيتين، هما: االستمرارية والتنوع. فهي، بحسب رأيه، تيار أفــكار مســتمر، ال تصنع فيها ألنها ال تحتفظ مــن الماضي إال بما هو حي أو قادر علــى البقــاء حًّيًا عند الجماعة التي تحمله. أمــا التاريخ في نظره خارج الجماعات وأعلى منها ألنه يهتم بالفوارق والتضاد. وعلى مستوى التنوع كذلك، فبعكس الذاكرة

Made with FlippingBook Online newsletter