العدد 23– أغسطس/آب 2024

| 100

القســمة بين تاريخ مســموح به ورســمي، وتاريخ مرفوض ومنسي، كما يتم تثبيت حتى الطاغية يحتاج " ). ويقول ريكور: 11 الذاكرة والتدريب عليها من خالل التعليم( إلى خطيب متصنع، وإلى سفســطائي كي يعطي ســنًدًا كالمًّيًا لمشروعه في الترغيب ، ويظهر ذلك بوضوح في عمليات الســرد المختلفة حيث يتم الربط بين " والترهيب الذاكرة وتشكل الهوية، وتشكيلها بمواد سردية معترف بها، وبرفض أو عدم االعتراف بهويات أخرى أو تشــويهها أو نفيها، وذلك كله يعود إلى الطابع االنتقائي للســرد ) 12 المدعوم بإستراتيجية ماكرة للتذكر والنسيان( ويبحث ريكور كذلك عن أسباب هشاشة الذاكرة المتالعب بها في إشكالية الهوية؛ حيث يعد الطابع االفتراضي للهوية ســبًبًا في هشاشة الذاكرة، وسبب هشاشة الهوية نابعة من العالقة الصعبة مع الزمان، الشــيء الذي يبرر اللجوء إلى الذاكرة كعنصر مكون زمني للهوية، والصلة بالزمن تشــكل صعوبة بســبب الطابع المبهم لمفهوم ما يبقى هو عينه، القائم في الهوية المتطابقة. وقد أغنى تحليله بتفكير داخلي حول دور الذاكرة في تشكل الهوية اإلنسانية، ويفصل بين داللتين أساسيتين للهوية: ، التي تعني نفسه بل عينه، وينطبق تشابه الهوية على idem المعنى األول: في الالتينية أي كائن موجود في الوقت المناسب. ، والــذي يرادف ذاته وهنا نتحــدث عن األنانية Ipse المعنــى الثانــي: في الالتينية واستمرارية الذات في الزمن تستند إلى لعبة معقدة بين التماثلية أو التشابه، والذاتية، ما هو ذات. فالهوية بالمعنى األول تحيل على وجود تراتبية من الدالالت، والهوية بالمعنى الثاني ال تتضمن أي تأكيد يخص وجود نواة ال تتغير داخل الشخصية. وعليه، سيعتبر بول ريكــور أن مدلــول العينية يرادف الهوية التطابقيــة، بينما جعل مدلول الذاتية يرادف .) 13 الهوية الذاتية( وعليه، فريكور يقدم ثالثة عوامل أساســية تتصل بهشاشــة وضعف الذاكرة، وبالتالي سهولة خضوعها لالستغالل والتالعب، وهذه العوامل هي: العالقة بالزمن، والعالقة النزاعية باآلخر، وأخيًرًا العالقة بميراث العنف التأسيسي. ويعني هذا العامل األخير، أنــه ال وجــود لجماعة تاريخية ُوُلدت من دون عالقة أصيلة بالعنف والحرب، وهو

Made with FlippingBook Online newsletter