العدد 23– أغسطس/آب 2024

101 |

ما يتم االحتفال به باسم األحداث المؤسسة، وهي عبارة عن أفعال عنيفة تم صبغها بصبغة الشرعية من خالل قيام الدولة، باالحتفال على سبيل المثال بأعياد االستقالل .) 14 والتحرير( وال يمكن إقامة سياســة عادلة للذاكرة من دون تجاوز بعض أشــكال الذاكرة، ومنها على وجه التحديد الذاكرة المعاقة، والذاكرة المتالعب بها، والذاكرة اإللزامية . تتصــل الذاكــرة األولى بالتحليل النفســي، وتواجه مقاومة مــن قبل جراح الماضي وآالمــه؛ وتنتج الثانية من خضوعها للتشــويه من قبل األيديولوجيات واالحتفاالت، أي التذكــر بالقوة أو التذكر المجبــر، وتخضع الثالثة لمبدأ الواجب واإللزام. ولذا، فإنها تتحول إلى أداة، أي يجب تذكر هذا وليس ذاك. ويتصل المســتوى الثالث من الذاكرة أي (المســتوى األخالقي والسياســي) بمسألة سياســة الذاكرة العادلة التي تعد من المواضيع السياســية واألخالقية اآلنية. فهي ال تعني الوقوف عند واجب الذاكرة فقط، وإنما تحيل إلى مختلف المبادرات المتصلة بالوفاق والمصالحة في الحاضر والمســتقبل، وإنــزال الماضي في منزلته المحددة، وذلــك درًءًا لتجــاوزات اســتخدام الذاكرة، وهو ما يتطلب تضافــر البحث العلمي والموقف األخالقي والسياســي. وإذا كان البحث العلمي من مسؤولية علم التاريخ، فإن الموقف األخالقي والسياسي يجب أن يقوم على مثل وقيم أساسية، ومنها على -وجه الخصوص- قيمة العدل واإلنصاف والحرية، وعلى كل ما يســمح بتأســيس مواطنة حرة وعادلة ومشــاركة في مؤسســاتالنظام الديمقراطي، وذلك ألنه من دون .) 15 هذه المواقف والمبادئ، فإن سياسات المصالحة سيكون مآلها الفشل( ومن جهته، يقول بيير نورا، الذي تحدث عما أســماه بأماكن الذاكرة، بغرابة الذاكرة وبتحويل الذكريات إلى سياســات وطنية بمعنــى توطين الذاكرة. وهنا يوافقه الرأي بول ريكو، ويقدم عدة إمكانات لالستعمال األمثل للذاكرة وتضميد جراحها بالرغم من االســتعماالت الســيئة، ومخاطر النسيان، ومكر األيديولوجيا التي أصابتها، ومن ) 16 هذه اإلمكانات اآلتي( - التصور الشامل والكلي للذاكرة. - ربــط الذاكرة الفردية بالذاكرة الجماعية، واعتبار جراح واآلم الذاكرة شــخصية وجماعية.

Made with FlippingBook Online newsletter