العدد 23– أغسطس/آب 2024

| 104

يـ ًا في عــدد كبير من الحقول المعرفية بدًءًا بالعلوم السياســية، وعلم االجتماع � حيو .) 20 والتخصصات األخرى من العلوم االجتماعية) فــي الخالصــة، فالذاكــرة الجمعية هي خزان يحفظ ثقافة الشــعوب بــكل أبعادها وأعماقهــا األنثروبولوجيــة، وتاريخها وما يوثق من صيرورات اإلنســان في الزمان والمكان، كما تمد الشــعوب والمجتمعات بالسلوكيات والمواقف والقيم. وانطالًقًا من خاصية االســتمرارية التي تتميز بها الذاكرة، حســب هالبواش، فهي تمد األفراد مهما اختلفت ثقافتهم وتوجهاتهم بالطاقة الضرورية لالســتمرار والديمومة، ومن ثم تتخذ هذه الذاكرة أبعاًدًا متعددة حســب ســياقات توظيفها واستغاللها؛ حيث يصبح البناء الثقافي أحد تجليات هذه الذاكرة ومؤشراتها القوية التي تتعدد في صيغ مختلفة بحســب الرابط االجتماعي الذي يصل بين مكونــات المجتمع الثقافية واالجتماعية .) 21 والسياسية( . استحضار الذاكرة الجمعية واالحتجاج 2 انطالًقًا مما ســبق، فالذاكرة التي تتناقلها األجيال عبر القصص والروايات والحكي ا لفهم العقل الجمعي وتطوره عبر التاريخ حول ثنائية الذاكرة الشفهي، تش ِّكِل مدخاًل والنسيان، وجعل من الذاكرة أداًة لفهم مجموعة من الظواهر االجتماعية، فمن أجل )، وعملية التذكر ال تتم إال في إطار زمني ومكاني ضمن 22 التذكر البد من اآلخرين( إطار اجتماعي معين؛ حيث تنشــأ ثقافة معينة تؤســس لنسق جمعي يجعل الخبرات والتجــارب الذاتية للفرد قابلة للتذكر وللتأويل بصــورة جمعية. وهنا تظهر الوظيفة العامــة للذاكــرة الجمعية، كما يراها هالبواش، وهي تأســيس هوية جمعية، وضمان ديمومتها على اعتبار أن هذه الهوية المشتركة ماهي إال نتيجة لتفسير مشترك للماضي الخاص بهذه الجماعة. فكل ما يتم اســتذكاره على المســتوى الفردي هو اســتجابة لمصالــح ورغبــات جمع معين. ومنه فالذاكرة الجمعية هــي تعبير عن هوية خاصة ) 23 وثقافة جماعية في إطار سياق تاريخي معين( وتبرز أهمية دراســة الذاكرة الجمعية في ســياق الحــركات االجتماعية بوضوح في الذاكرة الجماعية " )، الموســوم بـ Lorenzo Zamponi مقال كتبه لورينزو زامبوني: ) ؛ حيث يشير إلى أن هناك اهتماًمًا متزايًدًا ببناء هويات جماعية " والحركات االجتماعية

Made with FlippingBook Online newsletter