107 |
في حين ينبني المستوى المتوسط من التحليل، على اعتبار بناء الذاكرة كعملية تفاعلية بين أعضاء المجموعة، ويســتخدم الباحثون في هذا المســتوى أســاليب إثنوغرافية لدراسة كيفية بناء المعنى في سياق المجموعة، ويتم مالحظة كيف يقوم األفراد داخل المجموعة بتطوير تعريف مشــترك للوضع الحالي واستخدام الماضي لفهمه. يعتمد هذا المستوى على مراقبة التفاعالت الشخصية بين أعضاء المجموعة وتقديم وصف مفصل لهذه التفاعالت. وتظهر الدراســات على هذا المستوى الوسطي، أن النشطاء يستخدمون الذاكرة إلعادة إنتاج المعاني المتوقعة والمترنحة، مما يسمح لهم بتعزيز روحانية رسالتهم للمجندين وخلق استمرارية بين الحركة الحالية والحركات السابقة الناجحة. يميل مســتوى الوسط إلى رؤية إنتاج واقتباس الثقافة كعملية داخلية، بداًلا .) 36 من كونها عملية تفاعل المجموعة مع الثقافة األوسع( ومــن خالل المســتويات الثالثة من التحليــل، يمكن القــول: إن الذاكرة تؤثر في الحــركات االجتماعيــة إلى ح ِّد أنها أصبحت عنصًرًا مه ًّمًا للتعبئة، كما أن الحركات االجتماعية تسهم بشكل كبير في بناء الذاكرة، وإعادة تنشيطها، وانتقالها بين األجيال. وتضطلع الذاكرة الجماعية بدور ريادي في دينامية الحركات االجتماعية في مجموعة مــن األقطــار، مثل البرازيل حيث يعرف عن المجتمع البرازيلي أنه حيوي في حركة ، مروًرًا بمجموعة من المحطات األساسية حتى في 1888 دائمة منذ إسقاط العبودية ظل حكم العسكر، إلى يومنا هذا، وخير دليل على ذلك تأثير الحركات االجتماعية في إحداث تغييرات سياســية مهمة، كاإلطاحــة بمجموعة من الحكومات، وتحقيق انتقال ديمقراطي سلس الذي يشكل نموذ ًجًا لقدرة الحركات االجتماعية على إحداث تغيير اجتماعي وسياسي، وكل الحركات االجتماعية التي عرفتها البالد فيما بعد كانت فيهــا للذاكرة الجماعية كلمتها؛ حيث إن حفظ ذاكرة العنف السياســي واالنتهاكات ا عن تأثيرها الجسيمة لحقوق اإلنسان هو أحد نتائج هذه الحركات االجتماعية، فضاًل في بناء السياسات العامة وتعزيز حقوق المواطنة وتحقيق الديمقراطية. وتعد الذاكرة الجماعية عنصًرًا حاسًمًا في الصراع السياسي المتعلق بالماضي، وحق تسجيل التاريخ .) 37 الوطني( من جانبه، تحدث جيمس سكوت، السوسيولوجي وعالم السياسة األميركي، في بعض أعماله عن المقاومة، والســلطة والحركات االجتماعيــة، وخاصة في كتابه (الهيمنة وفنــون المقاومة)، الذي يســلط الضوء فيه على الفئات الفقيرة والمهمشــة، وكيف
Made with FlippingBook Online newsletter