العدد 23– أغسطس/آب 2024

115 |

فهــم العالم االجتماعي، وخاصة من منظور الفقراء. فالمؤرخ اإلنكليزي ال يقيم أي عالقة ميكانيكية بين ارتفاع أسعار المواد الغذائية، أو انخفاض أسعار القمح وانتفاضة الشــعوب، وال يوجــد في نظره أي محدد اقتصــادي أو حاجة أو أولوية فيزيولوجية )كما أنــه ال ينفي وجود أي رابط بين الواقع 68 لالحتجاجــات والتعبئة االجتماعية( المادي واألحداث االجتماعية، لكن بكل بساطة يقول: إنه ليس هو الرابط أو المحدد األوحد الذي يشكل السبب في اندالع االحتجاجات. ) أبعد من ذلك، وبنوع من Edward P Thompson ويذهب إدوارد بالمر تومبسون ( السخرية من التأويالت الميكانيكية لبعض زمالئه، يذهب إلى مقارنة المحللين الذين يقيمون ارتبا ًطًا إحصائًّيًا بين نسب البطالة أو مستويات األسعار واندالع أعمال الشغب الشعبية، بالباحثين الذين يبرهنون على وجود ارتباط بين بداية النضج الجنسي ونسبة التردد على النشاط الجنسي. لكن يتساءل الكاتب: كيف ذلك: بمجرد أن يجوع الناس أو يبلغوا النضج الجنسي ماذا يفعلون؟ وحتى إن سلمنا بضرورة الشروط االقتصادية فــي تغذية وتطور الفعل االحتجاجي، لكن ال يمكن اعتبارها كافية، فالشــغب ليس مجرد ردة فعل على اإلحســاس بالجوع. وفي هذا اإلطار يسوق تومبسون مجموعة مــن األمثلــة والنماذج من مختلف بقاع العالم، حيــث تمرد الفالحون على المالك الكبار، ال ألن الموارد بدأت تنضب لكن أي ًضًا باســم المعايير والقواعد العامة التي أصبحت ال ُتُحترم، ومجموعة من الحقوق وااللتزامات ال يتم الوفاء بها. كما أنه يشــير إلى أن الكثير من المؤرخين يعتقدون أن أعمال الشــغب مجرد ردود أفعــال بيولوجية تقريًبًا على قســاوة ظروف المعيشــة. ومثيرو الشــغب لم يكونوا خاضعين تاريخًّيًا، وكان البد من انتظار الثورة الفرنسية ليظهر مشروع سياسي حقيقي ) من هنا فاألمر ال يتعلق فقط باقتصاد سياسي، حيث السوق يفرض قانونه 69 للتغيير( الصارم فحسب، بل هناك اقتصاد أخالقي يذكر ويحيل إلى إمكانية وجود شكل آخر من التبادل. ولما أصبح العمل الجماعي بمختلف مظاهره وتجلياته، يشــكل مســألة مركزية في مجاالت البحث االجتماعي، فإن هذا االهتمام أسفر عن بناء وتأسيس متغيرات أثبتت جدواها في تفسير والتنبؤ بالممارسة االحتجاجية. ومن هذه المتغيرات يقترح جامسون .) 70 ( " ): الظلم، والفاعلية، والهوية 1992 إطارات العمل الجماعي ( " في عمله حول

Made with FlippingBook Online newsletter