العدد 23– أغسطس/آب 2024

119 |

يناقشــون وينتقدون هذا المفهوم ســواء انطالًقًا من التحليل الماركســي، أو العكس مــن زاويــة ليبرالية، فعلماء األنثروبولوجيا هم من تبَّنَوا المفهوم بكثير من الحماس. ومــن ناحية أخرى، فإذا أصبح االقتصاد األخالقي وســيلة ضرورية لألنثروبولوجيا، والســيما في العالم األكاديمي ألميركا الشمالية، فقد تم استعارة المفهوم من العلوم ) وخير مثال على المســار الذي قطعه مفهوم االقتصاد 80 السياســية وليس التاريخ( األخالقي الذي اخترعه المؤرخ، واســتورده عالم سياســة في األنثروبولوجيا حيث عرف نجاحه الكبير. وتتميز مقاربة جيمس ســكوت لالقتصاد األخالقي بكونه نجح بيــن كل علماء األنثروبولوجيا، ألنه تناول االقتصاد األخالقي للفالحين، ومقاومتهم من أجل البقاء وتحدث عن األشكال اليومية لمقاومة الفالحين. والصراع الدائم بينهم وبين من يبحث عن ابتزازهم في العمل في التغذية واإليجار والفوائد، كما أن كتابه المعنون باالقتصاد األخالقي للفالحين يش ِّكِل مساهمة حاسمة بالنسبة لألنثروبولوجيا الكولونيالية، بل وتنميتها في هذه الفترة. سَّلَطت هذه المساهمة األضواء على الصراعات العادية أكثر من التمردات االستثنائية، ورغم أهميتها عندما تقوم ثورات الفالحين التي تكون قليلة ومتباعدة في الزمن، فإن غالبيتها العظمى ُتُسحق بشكل غير رسمي، وإن نجحت في حاالت نادرة، فإن نتائجها تكــون عمو ًمًا غيــر التي كان يتوقعها الفالحون، ومن هنا ظهر ما أسماه باألشــكال ). ويحدد أشــكال هــذه المقاومة اليومية في مجموعة 81 اليومية لمقاومة الفالحين( من السلوكيات: التخريب، وإشعال النار، والقذف، والتظاهر.... وأشكال أخرى من الصراع الطبقي. ) إلى أن االقتصاد األخالقي Didier Fassin وفي هذا اإلطار، يخلص ديدي فاسان ( علــى النحو الذي تــم تحديده، يتطور من طابعه المحلي إلــى العالمي، مع اتخاذه ) إنه يعتمد على المشاعر والقيم والمعايير 82 ألشــكال تاريخية فريدة في كل مكان( وااللتزامــات التي يمكن اعتبارها ســما ٍت للحظة تاريخية معينــة من تاريخ الغرب .) 83 المعاصر( ا من التحلــيالت العامة حول فبالنظــر إلى مســألة أعمال الشــغب الحضريــة، بداًل األســباب االجتماعية لهذه األعمال التي توضح الســيما الخلفية وشــروط إمكانية الوقــوع. فاكتشــاف العوالم األخالقيــة لمتزعمي هذه األعمال، ســيمكن من فهم

Made with FlippingBook Online newsletter