العدد 23– أغسطس/آب 2024

| 122

تدرس هذه األدبيات كيف يتصرف الناس والفالحين بناء على فهمهم الخاص للقيم واألخالق والعدالة، وتمييزهم بين ما هو أخالقي وغير أخالقي وفق معايير خاصة بهم وتعريفهم العملي لالستغالل، وتبين كذلك كيف تدفعهم هذه القيم إلى االحتجاج في حالة المساس بها وانتهاكها، ويمثل هذه األدبيات على وجه الخصوص جيمس سكوت الذي اكتشف االقتصاد األخالقي من خالل دارسته ألساليب المقاومة اليومية التي يستخدمها الضعفاء كوسيلة لالحتجاج ضد الظلم في كتابه االقتصاد األخالقي للفالحين. وقبله إدوار بالمر تومبسون الذي يعد أول من استخدم مصطلح االقتصاد األخالقي سنة ، في وصفه لسلوك الجماهير 1971 في إنكلتار القرن الثامن عشر، وهو ِم العالقة بين االحتجاج والقيم � يق ِّي والمعتقدات التي ال تحترم.

تدرس األدبيات الحديثة القيم األخالقية وأدوارها الحاسمة في تحفيز الحركات االحتجاجية، وتحاول كذلك إعادة تفعيل استعمال مفهوم االقتصاد األخالقي خارج االستعمال التقليدي؛ حيث يشكل اليوم موضوًعًا للعلوم االجتماعية. استعمل المفهوم ديدي فسان لفهم مجموعة من Didier fassin الوقائع االجتماعية حول الفقر، والهجرة والعنف في فرنسا وخاصة في الضواحي والهامش. وتطرق لهذه المنظومة القيمية واألخالقية المهتمون بعلم النفس االجتماعي في إطار نظرية العدالة االجتماعية، )، في 1998 مثل (تايلر وسميث، محاولة منهم للجواب على السؤال الجوهري: لماذا يحتج الناس؟ وتناقش كذلك دور العواطف واألحاسيس، واالندماج االجتماعي في دارسة السلوك االحتجاجي.

االقتصاد األخالقي

خاتمة رغم أهمية الذاكرة في عالقتها باالحتجاج، وبالرغم من تأكيد مجموعة من الدراسات السياســية واألنثروبولوجية وعلم النفس االجتماعــي الغربي على وجه الخصوص، على مركزية المفاهيم الجمعية في دراســة السلوك االحتجاجي. حيث خلصت هذه الدراســات إلى أن انتفاضة الشــعوب، واحتجاجها، ال تتوقف على محدد الحرمان النســبي، أو محــددات أخرى ذات الطابــع االقتصادي واالجتماعي فحســب، بل هنــاك متغيرات أخرى، وعناصر ترتبط بمفاهيــم جمعية، ال تقل أهمية عن العوامل األخرى في تفســير الســلوك االحتجاجي في مجتمع معين، وتتجلى هذه المفاهيم فــي الهوية الجماعية، والقيم والمعتقدات، والتفاعالت االجتماعية بخصوص الظلم

Made with FlippingBook Online newsletter