العدد 23– أغسطس/آب 2024

| 134

التفاعــل القائــم بيــن التعبئة االنتخابية القائمة على الزبائنية وتفشــي ظاهرة شــراء األصوات والتمثيلية السياسية. ونقصد بالتمثيلية السياسية، التعبير عن اإلرادة الشعبية التي تتجسد عن طريق انتخاب أعضاء يمثلون أفراد الشعب داخل مؤسسات صناعة القرار التشــريعي والسياســي، بحيث يعكس التمثيل السياســي بذلك داخل األنظمة .) 1 الديمقراطية إرادة الشعب وسيادته( تجادل هذه الدراســة بأنه رغم مرور أزيد من ســبعين ســنة من الممارسة االنتخابية في المغرب، ورغم التحوالت السوسيوثقافية والسوسيوسياسية التي شهدها المغرب طوال هذه الســنوات، ما زالت تســجل على الممارسة االنتخابية بالمغرب المظاهر التقليدية في االختيارات التصويتية، مثل الوالء للقبيلة، والشــخصنة في االختيارات، والزبائنية السياســية وغيرها من أشكال الوالءات التقليدية. فاالنتخابات في المغرب تشــكل لحظة -خاصــة في المناطق القروية- لتقوية الهويــات المحلية، والعالقات الزبائنيــة، والــوالءات المبنية على القرابة والعشــيرة والقــرب والغنائمية المتبادلة. ويصير تحقيق التمثيلية االنتخابية في ظل ســيادة هذا النوع من الثقافة مع ما يســجل من تراجع في نســبة تصويت الطبقة المتوسطة، مرتبًطًا بدرجة كبيرة بضرورة التجذر في العالقات االجتماعية بالمجتمعات المحلية، ومشاركة أفراد هذا المجتمع حياتهم االجتماعيــة في أفراحهم وفــي أحزانهم، وتقوية العالقات التضامنية التي تنبني على تقديم الخدمات االجتماعية والعطايا المادية. وفــق ذلك تعد عملية تحليل الســلوك االنتخابي للناخــب المغربي عملية محفوفة بصعوبات عديدة، أهمها أن ما يوجه هذا الســلوك يجري في دوائر مغلقة محجوبة بســتار يندرج في حقل ما يســمى المســكوت عنه وغير المصــرح به؛ ألن محرك العملية االنتخابية يوجد في الكواليس أكثر مما يبرز على خشــبة المســرح االنتخابي الظاهــر للعيــان، وهــو ما يجعل من عملية رصد الســلوك االنتخابــي في المغرب بمجهر سوسيولوجي في حاجة إلى تعدد أدوات ومداخل التحليل، وبناء المؤشرات والمتغيرات المحددة الختيارات الناخبين. ولهذا اعتمدت هذه الدراســة توليفة من اآلليات وتقنيات البحث الميداني تمزج بين ما هو كيفي وما هو كمي: اســتبيانات، ومقابالت ميدانية، ومالحظة مباشرة. وقد اعُتُمد في ذلك على عينة عشوائية موزعة علــى ثالث دوائر انتخابية تراعي تمثيليــة التوزيع الجغرافي وتنوع البنية الديمغرافية

Made with FlippingBook Online newsletter