149 |
عليــه مــن إمكانيات مادية ورمزية، ونفود محلي يم ِّكِنه من خوض العملية االنتخابية وتمويلها، وجلب األصوات بأي طريقة كانت. لعل أول ما تجدر إليه اإلشارة بهذا الصدد؛ أن معيار اختيار المرشحين لالنتخابات في المغرب ال يتأســس بدرجــة كبيرة على االنتماء والــوالء الحزبي والقدرة على المرافعة السياسية حول برنامج الحزب، بقدر ما يرتكز على النخب المحلية التقليدية المعروفة باألعيان، والتي توصف بأنها نخب غنية تنحدر في الغالب من أسر ذات شأن ا عن اكتســاب العين مجموعة ونفوذ كبيرين، وتنتمي إلى قبيلة محلية معروفة. فضاًل مــن الصفــات التي تؤهله لــدور الزعامة القيادية، وتجعله محط جذب لالســتثمار السياسي من قبل األحزاب، ومنها قربه من سكان الدائرة االنتخابية وما يمثله مركزه االجتماعي ونسبه وإمكانياته االقتصادية والمالية لدى مخيلة السكان، باعتبارها تعبيًرًا عن قدرته على البذل والعطاء وتقديم خدمات للســاكنة. ومن ســمات األعيان أنهم ال يملكون مشــروًعًا سياسًّيًا، وال يحملون أفكاًرًا اجتماعية وسياسية متميزة عما هو شــائع وذائع بين العامة، كما أنهم ال يهتمون باأليديولوجيات والخلفيات السياســية لألحزاب التي يمثلونها، كما ال يشغل بالهم الهموم الفكرية التي يحملها المناضلون ). وهو ما يفســر ظاهرة الترحــال الدائم لألعيان االنتخابيين، فهم ال 46 والمثقفون( يملكون انتماء سياســًّيًا قاًّرًا، أو تصوًرًا خا ًّصًا للعمل الحزبي، ولكن المقياس الذي على أساسه يفاضلون بين األحزاب السياسية، هو ما تتيحه من فرص لربط عالقات وتحالفات يتم استغاللها للمحافظة على امتيازاتهم، وتحقيق مكاسب مادية ومعنوية ). لهذا، يكون اختياره لألحزاب قائًمًا على درجة قرب الحزب من 47 لنفسه وأتباعه( السلطة والمشاركة في الحكومة، واالبتعاد عن التوجهات المعارضة لها. وعليه، تمر عملية انتقاء المرشــحين عبر مســطرة يتم الحسم فيها ليس على مستوى الفروع المحلية والجهوية لألحزاب، ولكن يتم الحسم فيها على المستوى المركزي لألحــزاب، فالقيادات الحزبية المركزية هي التي تعطي التزكيات االنتخابية بناء على معايير تكتنفها رهانات شــخصية أكثر منها رهانات سياســية وأيديولوجية؛ فال يهم تاريــخ االنتمــاء إلى الحزب، كما ال يهم التدرج في االنتماء لهياكل الحزب والوالء األيديولوجي، لكن األهم الذي يحضر في عملية االنتقاء هو السلطة الرمزية والمادية التــي يحظــى بها المترشــح للحصول على التزكيــة، ثم االنتمــاء المجالي للدائرة
Made with FlippingBook Online newsletter