العدد 23– أغسطس/آب 2024

207 |

وما أقدمت عليه دولة جنوب إفريقيا و َّجَه رســائل للشــعب الفلســطيني الذي شعر بالخذالن الكبير في األيام األولى للعدوان، وتحديًدًا في الشــهرين األولين. كما أن التوقيت مهم كذلك؛ ألن رفع القضية جاء بعد شهرين ونصف من بدء جريمة اإلبادة الجماعية، وهو األمر الذي شــ َّكَل ضغًطًا كبيًرًا على الدول التي كانت ترفض تسمية األشياء بأسمائها، وترفض أن يتم توصيف ما حدث أو ما يحدث في غزة بأنه جريمة إبادة جماعية. كـ ِب على طريقة �ُ المتابــع للفريــق القانونــي لجنوب إفريقيا يفاجأ بعرض شــامل ُر الفسيفساء، فأكثر ما كان يقلق منظمات العمل الحقوقي هو كيفية تقديم صورة كاملة لمختلــف أنــواع الجرائم التي وقعت في غزة، فكنا نصدر تقارير بشــكل يومي، في محاولة إلعطاء صورة شــاملة عن هذه الجرائم، ففوجئنا بفريق جنوب إفريقيا يقدم ا لهذه الجريمة. عر ًضًا شاماًل ورأت المحامية والناشطة الفلسطينية، لميس الديك، أن مخيمات االحتجاج الطالبية في كل مكان في العالم ليســت دعًمًا لفلســطين فحسب، فالطلبة وكل الشعوب في العالم بدأوا يدركون خطر التهديد الذي يواجهونه في مجتمعاتهم وأي ًضًا بناء مستقبل جديد. وفي ظل غياب القانون الدولي؛ ألن مجلس األمن الدولي في النهاية خاضع لهيمنة الحكومــات الغربية والواليات المتحدة، أصبح الفلســطينيون رهائن في بلدهم، أما الذين نهبوا وسلبوا واغتصبوا األرض وحقوق الفلسطينيين فقد تم التطبيع معهم. وأكدت الديك أن أولى الرصاصات التي تطلق في كل حرب هي تلك التي تستخدمها الــدول في لغتها، وفي دالالتها ولغة الخطاب، فلغة الخطاب والقانون تتأثر ببعضها البعض، والفلسطينيون عانوا مشروًعًا قاسًيًا، اجتماعًّيًا ونفسًّيًا وثقافًّيًا وسياسًّيًا وهندسة سياسة وثقافية واجتماعية، وأحد أكبر منجزات هذه الهندسة هو نزع الصفة اإلنسانية بشكل لم يسبق له مثيل عن الشعب الفلسطيني ونوع من العنصرية التي في كل أنحاء العالم وخاصًة في الغرب جعلت اســم الفلســطيني ليس مثيًرًا للجدل فحسب، إنما عرضة للعقاب. لهذا الســبب، فإن هذه الهندسة االجتماعية السياسية الثقافية النفسية أدت إلى تمزيق الفلســطينيين، بحيث ُق ُِّسِموا إلى فلسطينيين سيئين وآخرين جيدين، فلسطينيي الداخل وفلسطينيي الشتات.

Made with FlippingBook Online newsletter