العدد 23– أغسطس/آب 2024

45 |

في التفسير، عجز النظرية عن تقديم تفسير كلي للظاهرة االجتماعية الواحدة، بسبب ضعف تكاملها مع باقي التخصصات. وال أقصد بذلك، التشظي النظري الذي تحدث عنــه ريمون بودون، في كتابه أبحاث فــي النظرية العامة في العقالنية، معتبًرًا غياب نظرية عامة تفسر كل الظواهر االجتماعية. بـ ًا مــا ُتُرجح هذه الجزئية التي تتميز بها النظرية في التفســير، إلى انحياز العلوم � غال االجتماعيــة إلى االهتمام بالمناهج، إزاء قلــة اهتمامها بالنظرية. وهو ما قاربه عالم قبل " ، فــي مقالة Richard Swedberg االجتمــاع األميركي، ريتشــارد ســويدبيرغ المنشــورة " النظريــة يأتــي التنظير أو كيف نجعــل العلوم االجتماعية أكثر جاذبية؟ ، معتبًرًا أن علم 2017 ، ربيع 5 / 20 بمجلة عمران، ترجمة: حميد الهاشــمي، العدد االجتماع، خصو ًصًا، والعلوم االجتماعية، عموًمًا، في الوقت الراهن، أصبحا يعانيان من قلة االهتمام بمجال النظرية، وأن المناهج الكيفية والكمية على حٍّد ســواء، قد أثبتــت فائدتها الكبيرة على المســتوى التطبيقي على خالف النظرية، ونتيجة لذلك، فرضــت المناهج هيمنتها على العلوم االجتماعية. وهو ما انتقده ريمون بودون، في أبحــاث فــي النظرية العامة في العقالنية، معتبًرًا أنــه رغم تحقيق العلوم االجتماعية منذ منتصف القرن العشرين، لتطور كبير في المجال الخاص بطرق الرصد، وتحليل معطيــات البحــث االجتماعي، فإن تصورهــا كان دون ذلك بكثير في مجال تحليل الظواهر االجتماعية. لقد حَّلَل سويدبيرغ، هذا الجانب؛ حيث أشار إلى التطور المهم الذي شهدته العلوم االجتماعية، خالل القرن العشرين بداية من الحرب العالمية الثانية، وكانت مر ِّكِزة على quantification المناهج، وتعلق األمر، أسا ًسًــا، بإدخال قيــاس الكمية أو تحديدها ا . يعتبر إلــى التحليل السوســيولوجي. وفي المقابل، لم تحقق النظريــة تقدًمًا مماثاًل سويدبيرغ أنه على الرغم من أن مساهمات فردية كثيرة كانت قد ُأُنجزت منذ الحرب العالميــة الثانيــة، كما يتضح من أعمال غوفمان وبورديو وآخرين، غير أن المهارات العملية للتعاطي مع النظريات ومحاولة صياغة نظرية بالنسبة إلى المتخصص العادي بعلم االجتماع، لم يجر تطويرها بنفس الطريقة. وُتُرجح سويدبورغ السبب في ذلك، إلى أن الطالب لم يدرسوا النظرية بصورة فاعلة. في هذا السياق، يقارن سويدبورغ النظــري مــع المنهج، حيث يمكن للطالب تلقي دروس فصلية في كل من المناهج

Made with FlippingBook Online newsletter