| 48
تفســير كلي للظاهرة االجتماعية، بحكــم أن التقاليد العلمية التي يفرضها العلم الســوي، تكــرس التخصصية، والتي تُعزى إلى البراديغــم الفاصل، الذي فصل الفلسفة عن العلوم، مما يكرس للجزئية في التفسير، بل يكرس أيضًا التأويل. يقدم البراديغم تأوياًل لألحداث والمشــاهدات على ضوء براديغم ســابق، وهذا يشكِّل تقليدًا علميًّا ال يمكن للعلماء تجاوزه. وهو ما يسميه كون بالعلم السوي. إذا انطلقنا من تصور كون، فإن النظرية ال تفسر، وإنما تؤول، وما يحد من القدرة التفسيرية للنظرية هو البراديغم الذي يستظل به المنظِّر. أواًلا : اإلشكالية يطرح هذا المقال إشــكالية تهدف إلى الســؤال والتفكير حول المداخل الممكنة في النصوص النظرية لتجاوز جزئية النظرية في تفسير الظاهرة االجتماعية، عبر االرتقاء بها من الجزئية إلى الكلية في التفسير بالنسبة للظاهرة الواحدة. وهي جزئية تكرسها ، Disciplinarity التقاليد العلمية التي يفرضها العلم الســوي، متمثلة في التخصصية والبراديغم. فلما كانت هذه التقاليد تكرس الجزئية، فإننا نحتاج إلى البحث والتفكير في البدائل الكفيلة باالرتقاء بالنظرية إلى جعلها أكثر قدرة على التفسير. فكيف نجعل النظرية أكثر تفسيًرًا؟ في تحليل هذه اإلشــكالية الرئيســية، ننطلق من التشــظي النظري الذي يطبع العلوم أبحاث في النظرية العامة في العقالنية، " االجتماعية، والذي أشار له بودون، في كتابه ، معتبًرًا أنه تجاوزه عبــر النظرية العامة في " العمــل االجتماعــي والحس المشــترك العقالنية التي اعتبرها تفسر كل الظواهر االجتماعية. وهو ما يدفعنا إلى التساؤل إلى أي حد يمكن الجزم بأن نظريًة ما يمكن أن تكون عامة، أي إنها تصلح لتفسير كل الظواهر االجتماعية خارج إطار التكامل بين التخصصات، وفي ظل سلطة البراديغم؟ وكيف يســعها تفســير كل الظواهر االجتماعية، في حين أنها تعجز عن اإللمام بشتى أبعاد الظاهرة الواحدة؟ التفسير حتى بالنسبة للظاهرة " كلية " يبين هذا المقال أنه ال يمكن للنظرية أن تكون الواحدة، في ظل سلطة البراديغم، ومع احتفاظها بالحدود التخصصية. على ضوء ذلك، نطرح إشــكاليتين فرعيتين: تتمثل اإلشــكالية الفرعية األولى، في
Made with FlippingBook Online newsletter