العدد 23– أغسطس/آب 2024

59 |

الظروف المســبقة للثورة البراديغمية. وألن البراديغم غير مرئي وال يمكن النيل منه، فال ُيُها َجَم أو يعارض أو يق َّوَض مباشرة، بقدر ما ينبغي أن تكون هناك صدوع وتفتتات وتــآكالت وتهدمات في صــرح المفاهيم والنظريات التي يضمها، ويجب من ثم أن يوجد فشــل في الترميمات واإلصالحات الثانوية، ويجب أخيًرًا، أن تبرز أطروحات وافتراضــات جديــدة لم تعد تخضع لهذا البراديغم وأن تتزايد أعداد التحققات، وأن .) 27 تتأكد األطروحات الجديدة بعد أن تفشل األطروحات القديمة( تتجــاوز ســلطة البراديغم لتضعف من شــأن النظرية عبر وظائفه فــي إنتاج المعرفة ينخرط فيها العالم وينتســب عبرها لنظرة لألشــياء " رؤية للعالم " العلمية؛ إذ يقدم )؛ وهو 28 يفرضها البراديغم القائم. وهو بذلك، يقدم نقطة ارتكاز في إنتاج المعرفة( ما يعطي نقطة ارتكاز للتفسير على ضوء البراديغم الذي ينتمي إليه المن ِّظِر؛ مما يؤثر على استقاللية المعرفة ويجعلها محدودة. في هذا السياق، فمن وظائف البراديغم التفسير والتأويل. والتفسير هو عملية يمليها انخراط العالم في البراديغم القائم في عصره وانتسابه لنظرة لألشياء. فبحسب تصور وجهة توماس كون، ال يعد التفســير عمليــة تصور للمعنى تتحدد بناء على اإلدراك الذاتــي للعالقــات القائمة بين الظواهر وقيامه في الذهن، ذهن العالم، بل هو عملية .) 29 يمليها انخراط هذا األخير في البراديغم القائم في عصره وانتسابه لنظرته لألشياء( وبالتالي، فالعلماء ال يفسرون الظواهر المطروحة عليهم بل يؤولونها؛ إذ يؤكد كون أن تصور المعنى الذي يتحدد بناء على إدراك العالقات التي تقوم بين الظواهر وقيامه واالنتساب لنظرة " رؤية للعالم " في الذهن ال يتعلق بذكاء العالم، بل كونه ينخرط في .) 30 لألشياء يفرضها البراديغم القائم( وبالتالي، يعد التفســير والفهم وليد رؤية يسمح بها التقليد العلمي القائم. فهو الذي يجعل المشتغلين بالعلم يالحظون ويجربون ويرون ما يالحظونه ويجربون عليه هذه ). يمثل 31 الظاهرة أو تلك دون غيرها. إنه هو الذي يوجه نظرتهم وقراءتهم للعالم( البراديغم بفضل االكتشافات العلمية وظائف عديدة في إنتاج العلم، ولكنه يقدم معرفة محدودة، وغير مســتقلة؛ إذ تتحدد أهم وظائفه في حل بعض المشاكل. لكن العمل النظري للعلم السوي ينحصر في مجرد استخدام النظرية القائمة واعتمادها في النظر إلــى الوقائــع والتنبؤ بها، أي إنه يتعذر في إطــار براديغم ما العم ُل خالًفًا لما يمليه

Made with FlippingBook Online newsletter