العدد 23– أغسطس/آب 2024

| 62

يتأسس تصور العالم للعلم الكالسيكي على مسَّلَمتين معقلنتين: 1 . التالقي بين التعقل المنطقي- الرياضي وبنى الواقع الموضوعي. 2 . مبدأ السبب الكافي الذي يعطي لكل ما هو موجود سببًا لوجوده. وانضــاف إلــى هذا براديغم داخلــي لالنفصال، فعزل العلوم عــن بعضها (من بين هــذه العلوم: الفيزيــاء، والبيولوجيا، والعلوم اإلنســانية)، وعزل االختصاصات عن ). وقــد عَّبَر ديكارت عن البراديغم الكبير للغــرب كما فرضته تطورات 43 بعضهــا( التاريخ األوروبي منذ القرن الســابع عشــر. حيث يفصل البراديغم الديكارتي الفاعل عــن الموضوع، فيكون لــكل منهما فضاؤه، فهنا تكون الفلســفة والبحث الفكري، ). يتعلق األمر ببراديغم يحدد المفاهيم 44 وهنــاك يكون العلم والبحث الموضوعي( الســيادية وينــص على العالقة المنطقية المتمثلــة بالفصل. وال يمكن أن يكون عدم اإلذعان لهذا الفصل إال خفًّيًا وهامشًّيًا وجانًحًا. ويحدد هذا البراديغم رؤية مزدوجة للعالــم، ويجعــل هذا العالم مزدو ًجًــا. فمن جهة، هناك عالم من األشــياء تخضع للرصــد والتجريب والتالعب، ومن جهة أخــرى، هناك عالم من الفاعلين يطرحون .) 45 على أنفسهم مشاكل تتعلق بالوجود والتواصل والوعي والمصير ( يتحكــم البراديغــم الكبير بالطبيعة المزدوجة للممارســة الغربيــة. فإحداهما قائمة على العبادة الذاتية للفاعل الفردي (النزعة الفردية) واإلنســاني (النزعة اإلنســانوية والمركزية البشــرية) والقومي (النزعة القومية) واألعراقي (العنصرية)، والثانية قائمة على العلم والتكنولوجيا الموضوعيين والكميين والمناورين والجامدين عندما يتعلق األمر بالشيء المستهدف (حتى عندما نعتبر الفرد أو الِعِرق أو الثقافة شيًئًا مستهدًفًا)، والحال أن التصورات المتعارضة للذاتية والفردية والروح والالإحســاس والروحانية .) 46 والعلم والثقافة تتبع للبراديغم نفسه( في هذا السياق، فما يجمع الفصل الذي يكرسه البراديغم الكبير للغرب، هو العقدة الغوردية. يمكن اعتبارها تقلل من شأن المعرفة العلمية؛ إذ ال تميز المعرفة العلمية عن المعرفة العادية، حيث يمكن الجمع بينهما عبر هذه العقدة، وتصبح النظرية أقل شأًنًا أمام التواصل وعدم االنقطاع بين المعرفة العادية والمعرفة العلمية. يقول إدغار موران مع ماروياما: إن براديغمات عديدة قد تتعايش (حرًبًا أو ســلًمًا)

Made with FlippingBook Online newsletter