العدد 23– أغسطس/آب 2024

65 |

الفكرة األولى: يعتبر بودون أن النظرية العامة في العقالنية تقدم تفسيًرًا علمًّيًا يصح ، والمقصود بالتفسير " العامة " في كل أنواع الظواهر االجتماعية، من هنا نعته نظريته بـ هــو أن ينظــر إلى كل ظاهرة اجتماعية على أنها حصيلة مبررات ودوافع قابلة للفهم ). أود أن أنتقد هذه النقطة، عبر توضيح أنها جزئية 54 لدى األفراد المسؤولين عنها( التفسير بالنسبة للظاهرة الواحدة، وال يمكنها أن تفسر كل الظواهر االجتماعية، وذلك بحكــم ارتباطهــا بالبراديغم الكبير للغرب، إلى جانب ضعف اعتمادها على التكامل بين العلوم. بالطبــع، ال يمكن تجاهل أهميــة نظرية بودون في تطوير العلوم االجتماعية، باعتبار بـ ِر عن البعض من التكامل المنهجي، وهو ما يمكن اعتباره بمنزلة طفرة في � أنهــا تع العلوم االجتماعية، وهو تطور المنهج مع سوســيولوجيا ريمون بودون، عبر االنتقال مــن مفهوم مغلق للفردانية المنهجية، ينطلــق من تحليل الظاهرة االجتماعية انطالًقًا من تمثالت األفراد، إلى تحليل هذه الظاهرة انطالًقًا من معتقدات أو منطق األفراد، ولكــن، مــع تحديدها عندما تكون فردية أو بنيوية. وهو ما يعكســه النهج التفهمي، ومع ذلك، تبرز سوســيولوجيا بودون، حدود التقائها مع تخصصات أخرى، فباعتبار أن هــذا النهــج اعتمد على نظرية المعتقد، فإنه لم يعطنا االلتقائية من أجل تفســير من أين يأتي المعتقد الذي يحمله األفراد، والذي يفسر الظاهرة االجتماعية. والذي يمكن العثور عليه في كتابات من تخصصات أخرى، مثل الفيزياء، والفلسفة، وعلم النفــس االجتماعي، وهو ما تبــرزه كتابات الفيزيائي والمفكر، توماس كون، وإذغار موران، وجوستاف لوبون. ال تعد النظرية العامة في العقالنية متحررة من البراديغم، بالنظر إلى التقاليد العلمية؛ حيــث يؤدي البراديغم إلى االنحياز في التفســير، بــل يتجاوزه كي يؤثر على صحة أبحاث في النظرية العامة في " األفكار العلمية. لقد اعترف بودون نفســه، في كتابه ، بتأثير البراديغم على األفكار العلمية الخاطئة بالنظر إلى اإلطار المعرفي " العقالنيــة لقد " المحيط بالعلماء، والتي يتبين خطؤها بفعل النقد، أو عوامل جديدة؛ إذ يقول: أورد فيلفريدو باريتو أن تاريخ العلوم هو مقبرة لألفكار الخاطئة التي اعتقدت البشرية بها على ذمة رجال العلم. وبعبارة أخرى، فإن العلم ينتج أفكاًرًا خاطئة بمثل السهولة التي ينتج بها أفكاًرًا صحيحة وإن عملية الفصل بينهما تتم على المديين، المتوســط

Made with FlippingBook Online newsletter