العدد 23– أغسطس/آب 2024

69 |

إن نظريــة بــودون ال تأخذ بعين االعتبار بينيــة التخصصات؛ إذ يعتبر أن المعتقدات تتأسس على أسباب ذات طابع معرفي ألنه لم يأخذ بعين االعتبار على ماذا يتأسس المعتقد في علم النفس االجتماعي والفلسفة والعلم العقلي؛ حيث يقدم علم النفس االجتماعي والفلسفة، والعلم العقلي حجًجًا قوية حول تفسير المعتقد. في هذا السياق، يقدم لنا حقل الفلسفة (توماس كون، وإدغار موران)، وعلم النفس االجتماعي (غوســتاف لوبون)، والعلم العقلي (إدغار موران)، رؤية أخرى لتفســير الســلوك، والمعتقد. اســتناًدًا إلى علم النفس االجتماعي، ال تعد المعتقدات أشــياء واعية، الحجة التي يقدمها غوســتاف لوبون في ذلك، هي أنه لو كانت المعتقدات تســتند إلى العقل لتشــابهت عند جميع الناس، في حين يعتبر إدغار موران أن عقل اإلنسان يتسم بكونه مركًبًا، وتقدم لنا الفلسفة، أن المعتقد يستند إلى الخلفية الفكرية (البراديغم). ) في كتابه Gustave Le Bon علــى خالف ريمون بودون، أثبت غوســتاف لوبــون ( اآلراء والمعتقــدات، أن المعتقــد غيــر عقلي وغير إرادي، معتبًرًا أنه إيمان ناشــئ عن مصدر ال شــعوري ُيُكره اإلنســان على تصديق فكر أو رأي أو تأويل أو مذهب جزاًفًا، وأن العقل غريب عن تكوين المعتقد، وال يأخذ العقل في تبرير المعتقد إال ). يعتبر لوبون أن المعتقد من عمل اإليمان، ومتى اســتعان 67 بعــد أن يتــم تكوينه( المــرء في تحقيق صحة المعتقد بالتأمل والتجربة ال يظل المعتقد معتقًدًا، بل يصبح معرفة. فالمعتقد والمعرفة، بحسب لوبون، أمران نفسيان يختلفان من حيث المصدر اختالًفًا تاًّمًا؛ إذ المعتقد كناية عن إلهام ال شعوري ناشئ عن علل بعيدة من إرادتنا، والمعرفة عبارة عن اقتباس شعوري عقلي قائم على االختبار والتأمل. بحسب لوبون، ينضج المعتقد في منطقة الالشعور، حيث ال يصل إليها العقل، ومصدر المعتقدات الالشــعوري وغير اإلرادي يمنحها قوة عظيمة؛ إذ يبقى العقل عاجًزًا عن التأثير في .) 68 أكثر المعتقدات خطأ( ينطلق لوبون في نظريته في المعتقد، من نقض نظرية ديكارت الذي يرى -وقد شاطره كثير من الفالسفة في الوقت الحاضر رأيه- أن لإلرادة كياًنًا غير كيان العقل هو أصل معتقداتنا، فاالعتقاد عند ديكارت، هو إرادة التسليم بمبدأ يمليه العقل، أو إنكار ذلك أن المعتقد ال يكون إرادًّيًا " اآلراء والمعتقدات " المبــدأ. لقــد أثبت لوبون عبر كتابه

Made with FlippingBook Online newsletter