العدد 23– أغسطس/آب 2024

97 |

ا ، على أن نتطرق لالقتصاد االخالقي االحتجاجــي على ضوء التذكر الجماعــي أواًل وتغذية االحتجاج ثانًيًا. أواًلا : الممارسة االحتجاجية على ضوء التذكر الجماعي: حاالت نموذجية معاصرة من المغرب وإسبانيا تســتلهم الشــعوب والمجتمعات البشرية ســلوكياتها، ومواقفها، وقيمها من الذاكرة ) التي تتشــكل في إطار زمكاني، من ذاكــرات فردية متعددة، ومتنوعة 3 الجماعيــة( تســهم في تأســيس الوعي الجمعي للجماعة التذكرية. وتوصــف الذاكرة الجماعية على أنها ذلك األرشــيف الرئيســي لتمثالت المجتمع للماضي، ومورد ثقافي، منه يســتلهم عند الحاجة. فالذاكرة الجماعية هي بمنزلة ذلك الخزان الذي يحفظ ثقافة الشــعوب بمختلف تجلياتها وأبعادها؛ فهي تؤثر في الحركات االحتجاجية إلى حِّد أنها أصبحت عنصًرًا أساسًّيًا للتعبئة االجتماعية، كما أن الحركات االحتجاجية تسهم بشــكل كبير في بناء الذاكرة وانتقالها بين األجيال. وتضطلع الذاكرة الجماعية بدور ريادي في دينامية الحركات االجتماعية في مجموعة من المواقع واألقطار. . حول الذاكرة الجمعية 1 ) في كتاباته Maurice Halbwachs يعتبر عالم االجتماع الفرنسي، موريس هالبواش ( )، أن 1925 ( " األطر االجتماعيــة للذاكرة " حــول الذاكــرة، وخاصة في عمله األول الذاكرة هي أي ًضًا ظاهرة مجتمعية وليست إرًثًا بيولوجًّيًا كما كانت األوساط العلمية ) في بداية العشرينات من القرن الماضي، وكانت تحصرها آنذاك في عملية 4 تعتقد( داخلية ترتبط بالفرد المتذكر فحسب. عمل هالبواش على البعد االجتماعي للذاكرة ليؤكد الطابع الجمعي للذكريات الفردية، رغم فردانيتها الظاهرية، ولكنها ذات طبيعة مشتركة، فهي جمعية يذِّكِرنا بها المحيط وإن كان األفراد وحدهم من يعنى بها. كما يشــير إلى أن النســيان ال يمكن فهمه ببساطة بوصفه عملية فسيولوجية، وإنما يتصل باألطر االجتماعية نفسها المؤثرة في عمليــة التذكر الفردية. وفي هــذا اإلطار يميز بين نمطين من التذكر: التذكر الفردي والتذكــر الجمعــي، معتبًرًا التذكر الفردي هو األصعب واألعقد من التذكر الجمعي؛

Made with FlippingBook Online newsletter