العدد 25 – فبراير/شباط 2025

| 142

النظرية النقدية تسعى بوضوح إلى التقدم نحو تحرير الإنسان من القيود التي فرضتها النظريــات الوضعية، التي انحصر اهتمامها في كشــف الحقائق والأنماط الموجودة مســبقًًا في عالم خارجي مســتقل. يُُفهم من هذا أن الحقائق يمكن كشفها وإدراكها بشــكل مســتقل عن الإطار الاجتماعي الذي يحدث فيه الإدراك. في هذا الســياق، تســعى النظرية النقدية إلى تحليل الســلطة والهيمنة والتفكير بشكل نقدي في البنية ). بالإضافة إلى ذلك، 9 الاجتماعية التي تشكل وتؤثر على تشكيل الحقائق والمعرفة( تســعى النقدية أيض ًًا إلى تحقيق الحرية والمســاواة على النطاق العالمي، وذلك من خلال خلق أشكال جديدة من الجماعة السياسية تتجاوز الإطار المحدود الذي تمثله الدولة القومية الحديثة. يُُعزى هذا التوجه إلى القيود التي تفرضها الدولة القومية على تحقيق هذين الهدفين؛ حيث تعتبر النقدية أن البنى الوطنية القائمة تعجز عن تحقيق ). لذلك، يتكون دور المشرع النقدي من 10 الحرية والمســاواة بشكل شامل وعادل( جانبين رئيســيين: الأول يتعلق بإعادة هيكلة الدولة الحديثة ونظام الدول عبر تطوير مؤسسات تتعدى السيادة الوطنية وتكون أعلى من مجرد النطاق الوطني، من خلال اســتنزاف الدولة من الســلطات التي تعتبرها حصرية لها واســتبدال نظام دولي بها للحكم. الهدف هو تجريد الدولة من ســلطاتها المطلقة وإحلال نظام دولي للحكم .) 11 يعمل على مستوى العالم( أما الجانب الثاني، فيتعلق بزيادة الاحترام للتنوع الثقافي على المستوى العالمي بهدف تحقيــق التوافق بين واجبات المواطن كمواطن وواجباته كإنســان في المقام الأول. يهدف هذا الجانب إلى التحرك نحو تطوير أشكال جديدة من التنظيم السياسي تؤمن بالتعددية الثقافية وتحترم حقوق الإنسان والمواطن على قدم المساواة، وتعمل على ا ًا تعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات المختلفة في ســبيل بناء مجتمعات أكثر شــمول .) 12 وعدالة( بهذا الشكل، يسعى المشرع النقدي إلى تحقيق تحولات جذرية في النظام العالمي، سواء من خلال إصلاح الهياكل السياسية القائمة أو من خلال تعزيز التفاهم والتعاون بين الثقافات المتنوعة على المستوى العالمي.

Made with FlippingBook Online newsletter