العدد 25 – فبراير/شباط 2025

147 |

مفهوم الأمن ليشمل التهديدات البنيوية غير التقليدية، مما يجعلها عنصرًًا أساسيًّّا في النقاشات المعاصرة حول الأمن الإنساني والنقدي. الإضافات الفريدة للنظرية النقدية تتميــز النظرية النقديــة عن غيرها من النظريات الأمنيــة بقدرتها على تقديم تحليل نقدي وشــامل للهياكل الســلطوية التي تقوم بتشكيل وصياغة المفاهيم الأمنية. بينما تركــز النظريات التقليدية مثل الواقعيــة والليبرالية على حماية الدولة وأمن حدودها من التهديدات الخارجية، تعيد النظرية النقدية تعريف مفهوم الأمن من خلال تسليط الضوء على الأبعاد الإنسانية، والاقتصادية، والاجتماعية التي تؤثر بشكل مباشر على الأفراد والمجتمعات. فالنظرية النقدية لا تكتفي بالتساؤل حول الكيفية التي يتم بها تشكيل سياسات الأمن، بل تتساءل أيض ًًا حول القوى المستفيدة من هذه السياسات، والغايات الخفية وراء تبني هذه المفاهيم الأمنية. من خلال هذا الإطار النقدي، توفر النظرية النقدية رؤية بديلة تكشف عن أن الأمن غالبًًا ما يُُستخدم أداة لتعزيز سيطرة القوى المهيمنة على النظام الدولي. فهي تفكك الأيديولوجيــات التي تبرر وتغذي الانقســامات الطبقية والعرقية، وتكشــف عن أن الهياكل الاقتصادية والسياسية الظالمة تسهم في خلق التهديدات الأمنية، سواء داخل الدول أو على المستوى الدولي. وتوضح النظرية النقدية أن تحقيق الأمن الحقيقي لا يتحقق عبر تعزيز القدرات العسكرية أو حماية الحدود فحسب، بل من خلال معالجة التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية التي تولد الصراعات وتؤدي إلى عدم الاستقرار. إذ ترى أن السياسات الأمنية التقليدية غالبًًا ما تعزز الفجوات بين الدول الغنية والفقيرة، ا من تقليصها. وبين الطبقات الاجتماعية داخل الدول، بدلًا أضافت مدرسة فرانكفورت إلى هذا الطرح بُُعد ًًا إضافيًًّا من خلال تحليلها النقدي للبنى الاقتصادية والاجتماعية التي تُُشــكل مصدر التهديدات الأمنية. وفقًًا لهذه المدرسة، التهديدات لا تنبع فقط من القوى الخارجية أو الجهات الفاعلة العســكرية، بل تنشأ أيض ًًا من الهياكل الظالمة داخل النظام الرأســمالي العالمي. وتعد هذه الرؤية إسهامًًا رئيســيًًا في توســيع مفهوم الأمن ليشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، متجاوزة النظريات التقليدية التي ركزت فقط على التهديدات العسكرية والصراعات بين الدول.

Made with FlippingBook Online newsletter