171 |
فــي هــذا المقطع، كما في مقاطع أخرى من الكتاب، لا جنوح عن المركزية الغربية الاســتعلائية التي بمقتضاها تبدو الســلوكيات المناهضة للمصالح الغربية تعبيرا عن احتقانات أيديولوجية ونفسية وثقافية. إنها ترديد لفكرة أن الديمقراطيات لا تخوض الحروب بينما الآخرون يتصرفون برغبة في الانتقام. سقوط أوهام السلام العالمي يتحدث الكاتب في ســياق تفكيك التربة النفســية لمناهضة الغرب عن سقوط أوهام العولمــة الحاملة لوعود التقــدم والتحديث والرفاه العابر للحدود. أصبحت العولمة مشــكلة بعد أن كانت حلا، وســقط اقتران التنمية بالديمقراطية والحداثة بالتغريب. جاءت تجارب تركيا والهند والصين لتكشف الطابع التبسيطي لهذه الأفكار وتهافتت فكرة أن نهاية الحرب البادرة ستفضي إلى نشر السلام في النظام العالمي وإلى إرساء منظومة متعددة الأطراف للتعاون، وأن الدولة الأمة ستفقد أهميتها لصالح المؤسسات الدولية والشــركات المتعددة الجنســيات، وأن الاعتماد المتبادل الاقتصادي سينتج السلام. يتساءل الكاتب: من المذنب في تهافت هذه الأوهام؟ ثم يدعو تبعا لذلك إلى تنسيب فكرة تحميل الغرب مســؤولية فشل العولمة وتراجع جاذبية الفكر الليبرالي وانبعاث القوميات والتسلطية الجديدة ونقمة نخب الجنوب على الغرب على خلفية تدخلاته ماذا " العسكرية وغير العسكرية. يمضي الباحث إلى تساؤل غريب لتبرير ما لا يبرر: كانت ستكون حصيلة عدم التدخل في الكويت، يوغوسلافيا، أفغانستان، العراق، ليبيا ، ثم يقول إنه من غير الانسجام المنطقي مؤاخذة الغرب بدعم الدكتاتوريات " أو مالي؟ لمبدأ " أكاديمي " وبإســقاطها في نفس الوقت. للمرء أن يستغرب تفسيرا يفترض أنه مجــرد واضح في القانون الدولي: عــدم التدخل. فما الذي ينافي المنطق في انتقاد موقف الغرب دعما للدكتاتوريات أو تدخلا لإســقاطها. ففي الســلوكين معا انتهاك لحقوق الشــعوب ولمبادئ القانون الدولي. والحال أنه داخل المنتظم الغربي نفسه، تعلو أًًصوات كثيرة من الحقل العلمي والفكري متبرئة من خيانة الغرب لنفسه. يتواصل هذا النفس التبريري لدى الباحث في معرض تحليله لدواعي اشتعال الوضع علــى جبهة التماس بين روســيا والغرب. فبخصوص توســيع الناتو، يقول الكاتب
Made with FlippingBook Online newsletter