| 174
تشــمل خريطة المشــروع الروســي ضم القرم، معاقبة الريادة الأرمينية، التمركز في القوقاز، إخضاع بيلاروسيا. إنها أهداف جيوسياسية لا تلبث أن تصبح بالنسبة للكاتب إنها " مشــروعا شــخصيا لبوتين. يستدعي قول مستشــارة دونالد ترامب، فيونا هيل: مسألة شخصية. إرثه، صورته عن نفسه، رؤيته للتاريخ الروسي. بوتين يرى نفسه بطلا في التاريخ الروسي، ويضع نفسه على خطى الزعماء الروس الذين سعوا في الماضي ). الواقع أن شهادة من مستشارة ترامب ليس 11 ( " إلى توحيد ما اعتبروه ترابا روسيا من شأنها أن تزكي مصداقية مقاربة من هذا النوع. يرتبط الموقف الشخصي لبوتين بالبعد الحضاري للصراع. وهنا يعتبر برونو تيرتري أن صمويل هنتنغتون أخطأ حين صنف روسيا ضمن الحظيرة الغربية. فالراهن ساحة صراع بين الغرب الليبرالي وأوراســيا الســلطوية. يجد من يزكي هذا البعد في الفكر اليميني الروسي كما يجسده المنظر ألكسندر دوغين الذي يبشر بأن المعركة الأخيرة بين الأنوار والظلمات بدأت. تمجيد العنف مســتوطن في الذات الروســية، حسب الكاتب والآخر يصبح شيطانا ينبغي محاربته بلا هوادة. هكذا تبدو أوكرانيا تجسيدا للشر. يحق لنا أن نعقب بأن كل هذه التوصيفات تنطبق على أمريكا والغرب عموما يســببون له رهابا أزليا، على " برابرة " في رؤيته المركزية التي تجعل الآخرين بمثابة منــوال مــا يفضحه المفكر والناقد الفرنســي البلغاري تزفيتان تــودوروف في كتابه .) 12 ( " الخوف من البرابرة " قراءة برونو تيرتري تســتعجل سقوط روسيا في مستنقع أوكرانيا. ففي فصل بعنوان: ، يعتبر الكاتب أن غزو أوكرانيا لإعادة تشكيل مجال نفوذ روسيا " الســقوط النهائي " تحول إلى كارثة. في المقابل، تنحدر الدولة إلى الفاشية. إنه الموت الثاني للاتحاد الســوفياتي، انهيار المشــروع الإمبراطوري الجديد لروسيا. والانهيار ليس فقط على مســتوى القــوة الصلبة، بل أيضــا في القوة الناعمة. فالــدول الصغيرة التي تقع في فلك روســيا مصابة بالهلع من النيات الروســية والعقوبات التي أصبحت ســمات بالنســبة للاقتصاد الروســي، وثروات الطبقة الأوليغارشية نزحت إلى ملاذات آمنة، والديموغرافيا في تقهقر؛ إذ تفقد البلاد مليون شخص سنويا. لا يتورع الباحث عن ، بل يتحدث عن سيناريو كوري " الرجل المريض في أوراســيا " وصف روســيا بأنها شمالي للانغلاق والتشدد نتيجة الهزيمة، واحتمال انفجار روسيا من الداخل والوقوع .) 13 في الهاوية(
Made with FlippingBook Online newsletter