53 |
المالي للمخزن بارتباك هذه البنية باعتبارها معارضة تمردية قوية ضد السلطة المركزية. إن حركة الانتفاضات هذه لم تكن موجهة، في عمومها، ضد المخزن ورئيسه السلطان، بل كانت موجهة أساســا ضد القادة الجائرين. فهي لم تكن تعبر عن رفض لســلطة المخزن، بقدر ما جســدت عنفا مضادا لتعســف القادة، كما ساهمت أيضا صراعات العديــد من القادة فيما بينهم في الإضرابــات القبلية، وعرقلتها لمحاولات المخزن .) 9 لوضع حد لمجموعة من الصراعات والانتفاضات( وقد ظهرت زعامات محلية تمتعت بنفوذ وهيبة سمحا لها بإعادة إنتاج رموز السلطة ،) 10 المركزية؛ مما طرح رهانا على المخزن كسلطة مركزية لاحتواء هذه الزعامات( )، ومن ثم صارت 11 حيث أصبحت هذه الفئات تحظى بمكانة داخل المجال المحلي( تحديات أمام المخزن، وهو ما دفع المخزن إلى التنقل بشكل كبير والتحرك ميدانيا، في تنقلات وحركة مألوفة، الغرض منها التقرب إلى الفئات التي تشكل تحديا كبيرا له، في صنع تمردات وانتفاضات. وهكذا أصبحت سلطة منافسة، ساهمت في تقسيم المجال إلى بلاد المخزن وبلاد السيبة، نتيجة مجموعة من العوامل التي ساهمت في تزايــد حدة الصراع والتمرد وأخفق المخــزن في إيجاد حل لها، وتتجلى في غياب العدالة الجبائية حيث لم تشمل كل الفئات المكونة للمجتمع المغربي، بل اقتصرت على إعفاء فئات مثل الشرفاء والمرابطين ورجال الزوايا والعلماء، كما أن هناك أيضا تفاوتا بين القبائل في الأداء الجبائي. ) إن تعبير تعــارض بلاد المخزن مع بلاد Idmond Doutté ويقــول إدمونــد دوتي ( الســيبة، غير صحيح؛ لأن المغرب يخضع بدرجات وأشــكال متفاوتة لتأثير ســلطة المخزن. واســتطرد موضحا عدم دقة محاولات رسم خريطة للمغرب تبين المناطق الخاضعة للســلطة والمناطق المتمردة عليها؛ لأن المفهــوم الأوروبي للإمبراطورية يختلــف جذريا، عــن المفهوم الإسلامي، حيث إن الأوربييــن يفكرون انطلاقا من مفاهيــم الحــدود الترابية، بينما يفكر المســلمون انطلاقا من مفهوم بيعة الســكان .) 12 ( " للسلطان وبالتالي، ساهمت الدراسات والأبحاث التي قدمها الأجنبي في تقديم تلميحات حول الاستقرار المغربي وضبطه بواسطة العرف والقانون ولو في قلب الأزمات والتمردات، مثل التمردات التي عرفها الريف المغربي خلال السنوات الأولى من الاستقلال، وهذا
Made with FlippingBook Online newsletter