59 |
ثانيًًا: الأبحاث المغربية والبحث عن توصيف المحلي يتطلب التنظير والبحث في موضوع الحركات الاجتماعية والأفعال الجماعية بالمغرب العودة إلى ثنائية منهجية مهمة وهي المحلي والأجنبي، وذلك قصد رصد التعارض الذي يظهر أحيانا والذي يتبناه المحلي في تضاد مع الأجنبي، وذلك بهاجس البحث عن معرفة سوســيولوجية وأنثروبولوجية محلية، ويبقى هذا الأمر ســاريا على أغلب الموضوعــات التي درســها الأجنبي في فترات زمنية معينــة، أو بالأحرى الأبحاث والدراسات التي أعادت توظيف بعض النظريات أبرزها الانقسامية في دراسة المغرب. ويبقى الاحتجاج والانتفاض من ضمن الموضوعات التي عرفت هذا النقاش، وبالتالي لا يمكــن تناولهما دون تقديم قــراءات وملاحظات أنتجها المحلي في هذا الإطار، وانطلقت أحيانا من مجموعة من الانتقادات لأطروحات وكتابات الخارجي، وخاصة فــي توظيفه النظرية الانقســامية كبراديغم تفســيري للمجتمــع المغربي في مختلف الجوانب، وامتدادها إلى تفســير ودراســة الحقل السياسي المغربي وأشكال الصراع التي يعرفها وكيف يحافظ النظام على مكانته واستقراره الأمني. وإن الخــوض في تناول المحلي ومســاهمته في هذا الحقل دراســة وبحثا وتدقيقا وتفسيرا، يستدعي عرض ردوده على ما أنتجه الأجنبي وبالأخص في تناول الكتابات والدراســات المعتمدة على النظرية الانقسامية في التفسير والتحليل، وقد لقيت هذه النظرية كما هائلا من النقد والتقييم. وبالتالــي لا يمكن تناول التنظيــر الخارجي بمعزل عن النقاش والجدال العام الذي خاضه المحلي في البحث عن إيجاد نماذج نظرية لتفسير المجتمع المغربي مستمدة أصولهــا من الداخــل، وذلك لاعتبارات عديدة أهمها نقــد الإرث الكولونيالي وما يحمله من إثنوغرافية وإثنولوجية وأنثروبولوجية، باعتباره لم يخل من الإيديولوجية، ولم يتسم بالجدة في التنظير والبحث والتنقيب العميق؛ مما شكل منطلقات أساسية لنقد النظرية الانقســامية، والبحث عن الذات لدى المحلي لدراســة المجتمع، قصد وضــع إرث أنثروبولوجي وسوســيولوجي مغربي خالص، له مرجعية مســتمدة من المعرفة المحلية، وتؤسس لمفاهيم مستمدة أصولها من بيئتها بحثا عن نماذج نظرية منبثقة من الواقع المعيش.
Made with FlippingBook Online newsletter