63 |
أصبحــت المنــاداة بالتنظير من الداخل أحد الموضوعات التــي تعلو داخل الحقل الأكاديمي المغربي، وأهمها موضوع الاحتجاج فأصبحت دراســات وأبحاث تتدفق بشكل كبير في هذا الميدان، بتقديم إطارات نظرية ودراسات إمبريقية، استعانة بأطر نظرية للحركات الاجتماعية والفضاء العمومي. غيــر أنــه لا يمكن الحديث عن القطيعة مع التنظير الخارجي للمجتمع المغربي، بل هناك تقاطع ونقط تلاقح إما بالقبول أو الرفض. عرفت فترات الســتينيات والســبعينيات عدة محاولات من الباحثين المغاربة لدراسة الحقل السياسي المغربي وما يعرفه من توترات غير أن الأبحاث المتعلقة بالحركات الاحتجاجية والأفعال الجماعية ظلت ضئيلة في ذاك الوقت، بسبب إكراهات الواقع ومــا يعرفــه من الســلطوية التي لها أثر على الكتابة في قضايــا ذات ارتباط بالحقل السياسي. وهذا لا يحد من أهمية المحلي في هذا الموضوع وما أنتجه من دراسات مهمة وقفت عند مجموعة من المواضيع مثل: المجتمع المدني، الحركات الاجتماعية، الســلطة، الصراع، الحقل السياســي، وتذكر أيضا فترة الســتينيات والســبعينيات والثمانينات باعتبارها أزمنة عرفت انتفاضات عديدة، وفترات ليست عادية بغض النظر عن علاقة المجتمــع بالدولــة وما يطبعها من توترات وصراعات، وبالتالي لا يمكن إغفال هذه الفترات في دراســة الإشكاليات السياسية بالمغرب بما فيها الأفعال الجماعية، فهي حلقة وصل تاريخية تمهد لمعرفة التطور الذي شهده المغرب مجتمعا ودولة. تســتدعي دراســة المقاربات والأطروحات المفســرة للفعل الاحتجاجي بالمغرب عدم إغفال الســيرورة التاريخية له في فترات تاريخية مهمة، تعتبر حلقات أساســية في فهم الثقافة الاحتجاجية بالمغرب، وعلاقتها بالســلطة، وكيف تظهر الصراعات، وطبيعــة العلاقــة بين القبائل والمخزن، وظهور ثنائية قبائل المخزن وقبائل الســيبة، مــرورا بفترة الحماية والاحتجاج والمقاومة، ثــم الدخول إلى الاحتجاج في الفكر الكولونيالي والفكر المغربي المعاصر، والمقاربات التي يحملها، ومنطلقات تفســير ودراســات الحركات الاجتماعية بالمجتمع المغربي، بفهم حيثيات الصراع السياسي والاجتماعي في فترة الاستقلال، ويقترن تفسير حرية الاحتجاج في ثالوث: الدولة، الحرية، القانون.
Made with FlippingBook Online newsletter