| 68
يحضــر التنظيــر الخارجي إما للنقد أو التقييم أو الدحض أو التفنيد، أو فهم الواقعة أو الظاهرة الاحتجاجية، كبراديغم للتغيير، وما يقابله في نفس الوقت من خصوصية " كمنطلقات " المجتمع تأثرا وتأثيرا بالبنى السياسية، والثقافية، والدينية، والاجتماعية، وتمظهــرات تنعكــس على الحــركات الاجتماعية والفضاء العمومــي، وتنتج ثنائية الاحتجاج والاحتجاج المضاد. وبالتالي، يمكن التساؤل عن مدى فعالية وجدوى التفسير النظري المحلي للحركات الاجتماعية والاحتجاجية بالمجتمع المغربي من دون استدعاء النظريات الخارجية في ذلك التفسير، وعن مسألة تكامل التفسير المنهجي والنظري بين النظريات والمقاربات المحلية والنظريات المهتمة بالحركات الاجتماعية. لذا، لا يمكن إنكار أن ما أنتجه الخارجي ونقصد بالضبط الإرث الكولونيالي ساهم في فهم وتفسير المجتمع المغربي من جهة، ووفر أرضية علمية خصبة للبحث كانت سببا في بروز المعرفة الداخلية وإنتاج ثقافة محلية من جهة ثانية. فكان الأجنبي ســببا في التحفيز المحلي لإنتــاج معرفة محلية ووعي بالذات، ومن هنا يمكن القول إن الخارجي/ الأجنبي فاعل أساســي في إنتاج الداخلي/ المحلي للمعرفة المحلية، سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، لكون التراكمات البحثية والدراســات الإثنوغرافية التي أعدها الخارجي عن المغرب شــكلت اللبنة الأساس لبروز المعرفة المحلية، وصعود باحثين ينادون بضرورة المعرفة المحلية أي ضرورة إنتاجات الداخلي في فهم الثقافة المحلية والمجتمع المحلي. أما فيما يخص الأجنبي والمحلي في الحقل المتعلق بالبحث في الحركات الاجتماعية والاحتجاجات بالمغرب، فقد أســهما معا في تقديم معرفة متكاملة متســقة بوضوح في فهم الحقل السياسي والحقل الاجتماعي والحقل الثقافي المغربي، وبالرغم من التعارض الذي يطرح أحيانا كعنصر أساسي لابد منه في تناول هذه الثنائية فإن هذا لا ينفي حضور معطى الاتساق بين الخارجي والداخلي. وبالتالي، يقع فهم وتفسير الاحتجاج المغربي بالمحلي والأجنبي، انطلاقا مما قدماه من تفسيرات في هذا الموضوع، إذ كان الثاني قد قدم الكثير في فترة الاستعمار وبعد الاستقلال مباشرة بتناول الحقل السياسي المغربي وما يعرفه من تصادمات وتجاذبات بين فواعل متعددة.
Made with FlippingBook Online newsletter