العدد 25 – فبراير/شباط 2025

81 |

مقدمة تحولات وتغيرات هائلة في الملف السوري 2024 حملت الأسابيع الأخيرة من عام بعــد أن مه ََّد وســبََّب لها أحداث أخرى جرت في غــزة وفي لبنان. ففي الثامن من ديســمبر/كانون من العام الماضي، هرب الرئيس الســوري بشار الأسد إلى روسيا، فيما لاذت قواته العســكرية والأمنية الضخمة بالفرار، واختفت فجأة، تاركة مقراتها وأســلحتها. وسمحت تلك التطورات والاتفاقيات المصاحبة لها للفصائل المتحالفة التي تشك ِِّل فيها هيئة تحرير الشام الكتلة " غرفة إدارة العمليات العسكرية " تحت راية الحرجة والنواة الأكثر تنظيمًًا دخول دمشق دون قتال في ذلك اليوم. نوفمبر/تشــرين الثاني في 27 وكانــت تلــك الفصائل قد بــدأت هجومها بتاريــخ عمليات ســميت (ردع العدوان) بهدف معلن هو توجيه ضربة اســتباقية ضد قوات النظام السوري وحلفائه من حزب الله اللبناني والميليشيات الإيرانية المقاتلة الداعمة للنظام. وقد انطلقت العمليات العسكرية بعد تحضيرات مكثفة بدأت منذ عامين على الأقل، فدارت معارك متوســطة إلى مرتفعة الشدة في محورين أساسيين، هما محور ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي ثم تدحرجت كرة الثلج سريعًًا فأنهت النظام نفسه في دمشق بعد أقل من اثني عشر يومًًا. بدت سوريا وكأنها استنزفت كل طاقتها في معاناتها المديدة تحت حكم نظام يوصف بأنه ديكتاتوري دموي استمر لأكثر من نصف قرن. كما عانى المحيط العربي والاقليمي من نظام الأسد وبخاصة أن الأخير استعمل سياسات الاستفزاز والابتزاز أداة محورية في سلوكه تجاه جيرانه وتجاه القوى الإقليمية الأخرى، إلى أن أتى التحول الأخير، الذي حمل معه عملية تحرير واسعة بتسارع فاق كل التوقعات. ولم يكن هذا التغير السريع وليد الداخل السوري فقط، بل جاء نتيجة تفاعلات دولية وإقليمية عميقة. ا : السياق المحيط بانطلاق العمليات أول ًا جرى اختيار بدء عمليات (ردع العدوان) في توقيت مثالي، تزامن مع نضوج ســياق داخلــي وإقليمي ودولي يعزز فرص نجاحها. كانت المتغيرات الميدانية الداخلية قد شــهدت تحولات مهمة بســبب استمرار الحرب بين روســيا وأوكرانيا من جانب،

Made with FlippingBook Online newsletter