| 88
أما في شوارع العاصمة، فقد اختفت الحواجز الأمنية، وبدأ عناصر الفروع الأمنية في زيهم الرسمي ورفعوا علم الثورة " الدفاع الوطني " تبديل ولاءاتهم. وخلع أفراد من فوق مقراتهم في محاولة للتكيف مع الواقع الجديد. ومع انهيار الســلطة المركزية، شــهدت المدينة اضطرابًًا كبيرًًا؛ حيث سادت أجواء الترقب والخوف مما قد تحمله الأيام القادمة. وفي الوقت الذي كانت فيه فصائل المعارضة تُُحكم ســيطرتها على المقرات الحيوية، انتشرت تسجيلات تظهر عناصر من الجيش النظامي وهم يخلعون تصدح من مآذن المدينة. أخلت " اللــه أكبر " زيهم العســكري، فيما كانت صيحات القــوات النظاميــة مقراتها، وتوقفت الحركة في مطار دمشــق الدولــي الذي أُُغلق بالكامل. واســتولت الفصائل المهاجمة على ســجن صيدنايا وأطلقت سراح آلاف المعتقلين والســجناء السياســيين والجنائيين. مع حلول الصباح، ســيطرت القوات المهاجمة بالكامل على العاصمة، وأعلنت عبر وسائل الإعلام الرسمية سقوط النظام من خلال بيان أُُعلن في التلفزيون الرسمي عبر مجموعة من المقاتلين. لم يكن سقوط القصر الرئاسي حدثًًا رمزيًّّا فحسب، بل جس ََّد انهيار نظام بأكمله، إذ انتقلت أخبار هروب الأســد بســرعة وأشعلت موجات استسلام في صفوف القوات النظامية، وأعلنت المدن الســورية تباعًًا خروجها عن سيطرة النظام، في وقت كانت فيه الوحدات العســكرية تحاول إعادة ترتيب صفوفها دون جدوى. أصبحت دمشق مدينــة بلا قيادة، بينما أكملت المعارضة ســيطرتها علــى المقرات الحكومية، معلنة نهاية حقبة الأســد بمشهد درامي من الهروب والخيانة. ومع حلول الصباح، دخلت العاصمة مرحلة جديدة تتوزع ما بين احتفالات بالنصر وسط حشود شعبية، ومخاوف أنصار النظام وشــعورهم بخيانة زعيمهم الذي هرب تحت جنح الظلام، وقلق جزء ثالث من الانهيار الأمني ومستقبل البلاد. مشاهد الانهيار الأخير لم يكن نظام الأســد يتوقع أيًًّا من تفاصيل ما حصل بعد يوم الســابع والعشــرين مــن نوفمبر/تشــرين الثانــي، وإن كان على معرفة بتحــركات المعارضة في إدلب، واســتعدادها لتحرك عســكري. كما أن النظام أدرك أن حصيلة الخسائر الكبيرة التي تعرض لها حزب الله وإيران في كل من لبنان وسوريا ذاتها، سيكون لها أثر جوهري على الموقف العسكري للنظام في سائر أنحاء سوريا.
Made with FlippingBook Online newsletter