العدد 25 – فبراير/شباط 2025

97 |

أي مواطن في السجن لمجرد اتهام عام بلا أدلة. مع العلم بأن الاتهامات لا تخرج عــن العناويــن العامة في قانون الإرهاب وعن تهمة التعامل بعملة أجنبية أو حيازتها وبخاصة الدولار. كل هذه الجرائم والمعاناة وسلب الحقوق وإهدار الكرامة اليومي للسوريين، بحاجة إلى تسوية عادلة تعيد للضحايا حقوقهم وكرامتهم، وتحاسب المجرمين، وكل ذلك يتطلــب وجود نظام للعدالــة الانتقالية، يعالج هواجس الســوريين لاحتمال إفلات المجرمين من العقاب. إن المخــاوف التي بدأت تســري بين النــاس باتت تتعلق بعدم البدء حتى الآن بهذا النظام، بل لم يجر جمع الأدلة أو تأمين مواقع (الجرائم) المحتملة من سجون ومراكز اعتقال وتعذيب، أو الشروع بوضع أسس التقاضي وتقديم الشكاوى وتأسيس المحاكم الخاصة بجرائم النظام السابق. إن العدالة الانتقالية شــرط ضروري لتحقيق السلام، وبناء المؤسســات الديمقراطية، وهي لذلك تعد تحديًًا مهم ًًّا أمام النظام الجديد، ســيختبر قدرتها على إعادة حقوق الشعب السوري، ومحاسبة المجرمين الذين أوغلوا في الانتهاكات الجسيمة. لقد كانت الحالة العامة في سوريا بشكل جيد بالنظر إلى الظروف المعقدة لإسقاط النظــام وظهور الحكم الجديد، إلا أنــه يمكن القول: إن هذه الايجابية في قبول ما يقدمه الحكم الجديد من أفكار كان نتيجة للفرحة الغامرة بســقوط النظام وانتعاش الأمل بدولة سوريََّة ذات حكم ديمقراطي، إلا أن مستقبل سوريا مرهون بمدى قدرة الإدارة الجديدة على معالجة التحديات الداخلية وبناء نظام ديمقراطي شامل يضمن المشــاركة السياســية لجميع القوى. ورغم ما يُُمثله سقوط النظام من لحظة مفصلية في تاريخ البلاد، فإن بناء دولة مستدامة يتطلب رؤية مشتركة وجهودًًا مكثفة لتجاوز آثار الصراع. ومع اســتمرار الضغوط الخارجية، يبقى الســؤال الأهم: هل ســتنجح دمشــق الجديدة في تحقيق الاستقرار وإطلاق مرحلة جديدة من التنمية والمصالحة الوطنية، أم ستظل رهينة التعقيدات الداخلية بما فيها طبيعة الحكم الجديد والتدخلات الإقليمية والدولية؟

Made with FlippingBook Online newsletter