أهداف الطوفان القريبة والبعيدة في الجيش " فرقة غزة " كان هدف عملية الطوفان المباشر والمعلن الهجوم على الإسرائيلي وأسر عدد من العسكريين لمبادلتهم وتبييض السجون الإسرائيلية من الأســرى الفلسطينيين. أما على الصعيد الإســتراتيجي، فيمكن أن نرسم صورة أكثر وضوح ًًا من خلال اســتقراء تصريحات قادة حماس وفهم الســياق الأوسع الــذي حدثــت فيه العملية. بنــاء على ذلك، يمكن القــول: إن العملية جاءت على أيدي فصائل فلســطينية، بعد أن " المقاوم المنظ ََّم " لتعيد الحياة إلى العمل تراجعت المقاومة إثر الانقســام بين الضفة الغربية وغزة، وفشــلت المبادرات المتكررة لتوحيد الصف الفلسطيني. قبل الطوفان، جرت محاولات سابقة لدعم مجموعات المقاومة الشــعبية الناشــئة خارج غزة، لاسيما في الضفة، سواء من قبل حماس أو حركة الجهاد الإسلامي أو غيرهما من الفصائل الفلسطينية. وكان من ثمرة تلك الجهود نشأة خلايا وكتائب مسلحة في مخيمي جنين وبلاطة في شمال الضفة الغربية. على صعيد حماس بالذات، كان من شأن الطوفان أن يكرس معادلة جديدة تقوم على قيادة غزة لعمل مقاوم مســتمر تشــترك فيه أغلب الفصائل، يُُخرج غزة من دوامة الجولات العســكرية في مواجهة الاحتلال ويكسر الحصار الخانق الذي يعاني منه ســكان القطاع على مدى ســنين. وكان الخروج من هذه الدوامة أن يُُفس ََح المجال لمرحلة جديدة من المقاومة بقيادة حماس، على أسس تسمح لها بالبقاء والاســتمرار والتوسع بطرق ووسائل متعددة، لتشمل، مع الوقت، الضفة الغربية وربما عموم فلسطين التاريخية. منظمة " حرب تحرير " بهــذا المعنــى، يمكن أن نفهم الطوفان على أنه جزء من ا عن ساحات مركزها غزة، تعيد ربط الساحات الفلسطينية بعضها ببعض، فضلًا المقاومة الأخرى، خاصة مع لبنان، وليس مجرد عملية محدودة لاحتجاز أسرى بغرض المبادلة. يتأكد هذا المعنى إذا أخذنا بعين الاعتبار خطط إسرائيل الرامية لعزل غزة عن بقية فلسطين واستمرار حصارها، مقدمة لعزل فلسطين عن محيطها العربي وتصفية قضيتها بالتوازي مع توسيع نطاق التطبيع على قاعدة صفقة القرن واتفاقات أبراهام.
15
Made with FlippingBook Online newsletter