ما لم يكن متوقعًًا أثناء تنفيذ العملية هو انهيار المعسكرات الإسرائيلية وانكشاف مســتعمرات غلاف غزة بالكامل أمام عناصر المقاومة؛ ما أدى إلى اتساع نطاق الهجوم وارتفاع عدد الأســرى من العســكريين والمدنييــن. وردًًّا على العملية التي بدت مفاجئة وحققت اختراقًًا اســتخباريًًّا غير مســبوق، جاء قرار إسرائيلي بشن حرب واسعة ومدمرة ضد غزة، حظيت بدعم غربي استثنائي. ولم يقتصر الدعم الغربي للحرب الإسرائيلية على غزة على الجوانب العسكرية واللوجستية والاستخبارية، بل وفرت المنظومة الغربية لإسرائيل غطاء سياسيًًّا وقانونيًًّا شجعها على انتهاك كل القواعد الإنســانية والأخلاقية للحرب، ولم يمنعها من ارتكاب حرب إبادة جماعية قتلت فيها عشــرات الآلاف من النســاء والأطفال، ودمرت شروط الحياة الأساسية في أغلب مناطق القطاع. ربما لم تتمكن المقاومة من تحقيق كل أهدافها من عملية الطوفان، فالحرب لم تنته بعد، وســتظل تداعياتها على الجانبين تتفاعل على مدى الســنوات القادمة. ولكن، ثمة زاوية أخرى يمكن أن ننظر من خلالها إلى ما تحقق وما لم يتحقق، وهو ما أعلنته إســرائيل من أهداف لحربها على غزة. فقد أعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أن هدف الحرب هو القضاء على حماس عسكريًًّا وإداريًًّا حتى لا يتكرر السابع من أكتوبر، واسترجاع الأسرى بقوة السلاح. على هذا الصعيد، وإذا أخذنا بعين الاعتبار عدم تناسب القوة بين الجانبين، يصبح مجرد الصمود وإفشال الأهداف التي سعى الاحتلال لتحقيقها من خلال الحرب نصرًًا يُُحسب للمقاومة. وإذا أضفنا إلى ذلك فشل إسرائيل في تحقيق أهداف أخرى لم تعلنها في البداية، مثل تهجير ســكان غزة واحتلال أجزاء من القطاع واســتقرار قواتها العســكرية في بعض محاوره، يمكن القول بأن المقاومة فرضت شــروطها في نهاية المطاف. " طوفان الأقصى " هنــاك مجــالات أخرى يمكن أن نقرأ فيها النتائــج المؤقتة لـ وللحــرب التي أعقبته، تتجاوز النتائج الميدانية للأهداف المباشــرة. فقد حقق الطوفان نتائج على غاية من الأهمية، ربما لم تكن منظورة عند التخطيط للعملية نفســها. من أهمها ضرب أسس الســردية الإسرائيلية حول الصراع في فلسطين وفسح المجال للسردية الفلسطينية لتبدأ في تشكيل العقول، خاصة في الغرب.
16
Made with FlippingBook Online newsletter