التقرير الاستراتيجي 2025

التفاوض كانت إنهاء الحرب بدءًًا بوقف إطلاق للنار، وإخراج أكبر عدد ممكن من الأسرى الفلسطينيين، وإعادة الحياة في غزة إلى وضعها الطبيعي. أما إدارة القطاع، فتُُرك التفاوض بشأنها لوقت لاحق، على أن تكون تحت سلطة فلسطينية متفاهمة مع المقاومة، لاسيما مع حماس الفصيل الأكبر بينها جميعًًا. وبالتالي، كان هدف المقاومة بدرجة أولى، الخروج من الحرب بأقل الخسائر والمحافظة على أهم المكاسب، وفي مقدمتها بقاء المقاومة وتحرير الأسرى وخروج قوات الاحتلال من قطاع غزة. مــن المســتبعد أن تعود حماس لحكم غزة منفردة كمــا كانت عليه الحال في الســابق، وربمــا تكتفي بدور محــدود على ألا تكــون الإدارة الجديدة معادية للمقاومة. وبالتأكيد، ستختلف أساليبها في استمرار المقاومة، وستكون محكومة إلــى حــد كبير بتداعيات الحرب وتفاهمات ما بعد وقف إطلاق النار. فمعالجة الدمار الهائل الذي تعرض له القطاع على جميع المســتويات، وترميم الخراب الكبيــر التــي أصاب البنيــة التحتية وأتى على أغلب المرافــق الحيوية، وتوفير حاجيات الســكان من أمن ومأكل ومأوى، ســتكون أبرز التحديات في الفترة القادمــة. وما ســيضاعف من صعوبة هذه التحديــات أن إعادة الإعمار وتعافي القطاع لا يتطلب عدم ممانعة إســرائيل وأميركا وفتح المعابر فقط، بل يتطلب مشاركة عربية وإسلامية ودولية واسعة. وقد كشــف تقرير مشــترك للأمم المتحــدة والبنك الدولي أن قيمة الخســائر الاقتصادية التي شــهدها قطــاع غزة، منذ بدأت إســرائيل اجتياحها البري، في مليار دولار، وقدرت الأمم 18 . 5 ، بلغت نحو 2023 أكتوبر/تشــرين الأول 27 مليار دولار. وإذا أخذنا تصريحات 40 المتحدة كلفة إعادة إعمار القطاع بنحو الرئيــس ترامب، التي دعا فيها لتهجير ســكان غــزة، بالجدية اللازمة، نفهم أن الإدارة الأميركية التي حرصت على التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، لن تكون مستعدة لتسهيل إعمار غزة دون شروط وأثمان سياسية تجنيها حليفتها إسرائيل. وقــد تكون تلك الأثمان دفع دول عربية أخرى للتطبيع، أو إبعاد حماس مطلقًًا عن حكم غزة ومنعها من إعادة بناء قوتها، أو قبول بعض الدول العربية المشاركة في عمليات تهجير سكان غزة تحت أي ذريعة.

18

Made with FlippingBook Online newsletter