التقرير الاستراتيجي 2025

خلاصة رغــم محدوديتها في الزمان والمكان، كانت عملية الطوفان خطوة إســتراتيجية مهمة. فقد نقلت غزة ومعها القضية الفلسطينية التي كادت تختفي من أجندات العالم، إلى مستوى المبادرة والفعل المقاوم على أرض العدو. ولكن إسرائيل، التي زلزلتها عملية الطوفان بصورة غير متوقعة، لا في حجمها ولا في نوعيتها، ردََّت بحــرب مفتوحــة حاولت فيها رفع الكلفة الإنســانية إلى مســتويات غير مسبوقة؛ فارتكبت المجازر ونك ََّلت بالسكان ودمرت ما استطاعت آلتها الحربية تدميره خارج كل القواعد والمواثيق الدولية وبدعم كامل من القوى الغربية. ورغــم الاخــتلال الهائل في موازين القوى، اســتطاعت المقاومة أن تصمد في شــهرًًا، كبََّدت خلالها قوات الاحتلال خســائر كبيرة في 14 الميدان لأكثر من الجنود والعتاد والاقتصاد والصورة والسردية. وكانت حرب الإسناد التي أحاطت بدولــة الاحتلال على أكثر من جبهــة، في لبنان واليمن والعراق وإيران، متغيرًًا أساســيًًّا أثََّر في مســار الحرب ورفع كلفتها على إسرائيل دون أن يُُحدث تغييرًًا جوهريًًّا في معادلة الصراع. ورغم الأثمان الباهضة التي دفعتها المقاومة، خاصة على الصعيد الإنساني، يعد صمودها وبقاؤها واحتفاظها بأرضها وسلاحها نصرًًا ستبني عليه إستراتيجيتها المستقبلية. وكانت المقاومة، حتى قبل إعلان وقف إطلاق النار في غزة، قد امتدت شرارتها إلى مدن الضفة الغربية ومخيماتها بعدما كانت إســرائيل تعتقد أنها قادرة على اجتثاثها وخلق واقع جديد عبر التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية. ولا شك أن مشــاهد تبادل الأســرى وتحرير أعداد كبيرة من أســرى الضفة، ستصب في حســاب المقاومة وفي خيارها الإســتراتيجي، وســتزيد من حجم التعاطف مع الفصائل المســلحة في غزة. من ناحية أخرى، ستســهم سياسات الاحتلال في توســيع الاســتيطان وتســريع وتيرته على وقع عمليات عسكرية في الضفة أمام عجز السلطة الفلسطينية عن الاعتراض أو رد الفعل، في تهيئة الظروف لتصاعد المقاومة ودفع المزيد من الشــباب الفلســطيني للانخراط فيها حسب ما تتيحه الظروف والإمكانات.

19

Made with FlippingBook Online newsletter