تنفيــذ القرار، وجيش الاحتلال ينســحب تدريجيًًّا إلى ما وراء الخط الحدودي المعروف بالخط الأزرق، أي إلى مواقعه قبل الحرب. ومــع ذلك، ينبغي التأكيد أن إســرائيل أحدثت تغييــرًًا كبيرًًا في بيئة حزب الله المحلية والإقليمية. فالحرب دفعت بمعارضي الحزب في لبنان لرفع مســتوى مواجهتهــم له ومطالبته بتســليم سلاحه، وقد تراجعت قوته نســبيًًّا في الداخل اللبناني. وعلى الصعيد المالي، ليس بمقدور الحزب إعادة إعمار ما تهدم، ولو بمساعدة إيران، التي تعيش هي أيض ًًا ظروفًًا صعبة، علمًًا بأن التقديرات تفيد بأن . وسيكون صعبًًا عليه حتى إعادة 2006 أضرار هذه الحرب تفوق أضرار حرب بناء مؤسساته الاجتماعية التي تقدم الدعم لحاضنته وتغنيها في أحيان كثيرة عن الدولة. أما إقليميًًّا، فإن سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، يعد خسارة إستراتيجية لإيران؛ إذ أخرجها وســائر الجماعات المدعومة منها من ســوريا. وبعدما كانت سوريا جسرًًا وطريقًًا للإمداد، أصبحت حاجزًًا جغرافيًًّا أمام الحزب، تحول دون تواصله مع إيران عبر العراق. كما أن الإرث الأخلاقي والإنساني الثقيل الذي تركه نظام الأسد، أساء لصورة الحزب ولعلاقاته العربية، وسيظل عائقًًا أمام تطوير علاقاته عمومًًا بالحكم الجديد في دمشق. " محور المقاومة " وعلاقات ما بعد الحرب: بين التعافي والعودة للمواجهة لا شــك أن أولوية حزب الله بعد نهاية الحرب هي التعافي وإعادة البناء، لكن هذه الأولوية تظل غامضة ما دام الحزب لم يحدد دوره ولم يضع أهدافه للمرحلة القادمة، ســواء في لبنان أو على الصعيد الإقليمي. فبأي مقدار ســيتعافى؟ وأي دور يسعى للقيام به؟ وما الأهداف التي يريد تحقيقها؟ بخصوص المواجهة العســكرية مع إسرائيل، لن يسعى الحزب للعودة إليها في . لكنه سيحرص " وحدة الســاحات " الأجل المنظور، ســواء منفردًًا أو في إطار للدفاع عــن لبنان، كما كان في " المقاومة " على اســتمرار دوره تحــت عنوان تســعينات القرن الماضي. وعلى الأغلب ســينتهج سياسة يمزج فيها بين العمل العســكري والنضال الشــعبي، وقد بادر بالفعل إلى السير في هذا الاتجاه. فقد
42
Made with FlippingBook Online newsletter