العدد 12 من مجلة لباب

| 98

سجون بعض الأنظمة العربية، لا يبدو أن حملات إطلاق سراح المعتقلين الليبراليين والإسلاميين تقطع المسار نفسه؛ فالأولى حققت بعض النجاحات من خلال الإفراج . " عبر الحدود " عن معتقلين ليبراليين، بينما يبدو أن الثانية توقفت في مكان ما في هذا الســياق المقيّد على المســتوى التنظيمي والهوياتي، مثّل الفضاء الســيبراني ومواقع التواصل الاجتماعي واســتخداماتها الاحتجاجية مســاحة ملائمة للتعبير عن الاهتمامات والاحتجاجات ذات المنطلقات الإسلامية، خاصة تلك العابرة للحدود. في هذه المســاحة تطور ما وصفه كل من بينيت وســيجربيج بالشــبكات المُمَكّنَة ) المعتمــدة علــى منطــق الفعل Crowd Enabled Networks - CEN للجماهيــر ( التواصلي. هذه الشــبكات ليســت كالحركات الاجتماعية التقليدية، أو حتى شبكات المناصرة العابرة للحدود، وبالطبع ليســت كالدول. فلا شك أن الدولة تتمتع بسلطة سياســية تســمح لها بامتلاك والتحكّم في وســائل الإنتاج بل ووسائل التدمير، ليس على المســتوى المادي فقط بل على مستوى المعلومات والمعاني والرموز؛ فالدولة تستطيع أن تخلق أو تدعم سردية وتدمر أخرى، وتستطيع أن تنشر معلومات أو تمنع أخرى بشكل أكثر نجاحًا من غيرها. فالدولة بما تملكه من مستوى عال من التنظيم والمأسســة والهيمنــة الهوياتية أكثر قدرة على توجيه العمــل الجماعي نحو تحقيق أهدافها من أي كيان آخر. هذا المستوى من الكفاءة الذي تتمتع به الدولة على مستوى التنظيم والإدماج الهوياتي يضمــن لها القدرة على حشــد الموارد المادية والمعلوماتيــة والرمزية لإعادة إنتاج نفســها وتوجيه إرادات أفرادها وأفعالهم نحو تحقيق مشــاريعها وأهدافها. وتتعرض هــذه القدرات لتحديات من قِبَل فاعليــن غير دولتيين وإن كانوا لا يضاهون الدولة في أي عنصر من عناصر الفعل الجماعي، إلا أن تطور تقنيات التواصل الاجتماعي والمســاحة التي قدمتها المنظومة الدولية الليبرالية لهؤلاء الفاعلين، سمحت للأفراد والجماعات والتنظيمات بتعزيز قدراتها التنســيقية والتنظيمية لحشد الموارد، خاصة الموارد المعلوماتية والرمزية بين الفعل الجماعي الدولتي والفعل الجماعي لشبكات المناصرة العابرة للحدود، بل وحتى الفعل التواصلي للجماهير المُمَكّنَة شبكيّا. بالإضافة إلى الدولة الوطنية، تمثّل شــبكات المناصرة العابرة للحدود فاعلية يمكن للجماهير المُمَكّنَة شبكيّا التفاعل معها، إلا أن هذا التفاعل يكون مشروطًا عادة بنوع القضايا التي تتبنّاها الجماهير المُمَكّنَة شــبكيّا ومدى اقترابها من الأدبيات الليبرالية.

Made with FlippingBook Online newsletter