العدد 12 من مجلة لباب

| 124

بمستوى " النشاطية " فائدة، بل تشتّت طلب العلم والبناء الفكري، ويتعامل مع فكرة من البرود، بينما الآخر الذي عادة لا يملك مستوى متطورًا من البناء الفقهي والفكري يكون مستعدّا دائمًا ومتحمسًا للمشاركة في أية حملة أو نقاش على منصات التواصل الاجتماعي كنوع من أنواع نصرة الإسلام. بالطبع هذا التمييز يعتمد على حالات تعبّر يتســمون بمســتوى " مفكرون " عن النموذج المثالي لكل منهما، وإلا فهناك متدينون يتمتعون ببناء فقهي وفكري معتبر. " متحمسون " عال من الحماسة وهناك متدينون بالعودة إلى معادلة الفاعلية الاستراتيجية التي تتضمن عناصر المصلحة أو الأهداف، والقدرات، والعزم، نرى أهمية وجود توازن ما بين الموارد الفكرية والمشاعرية يسمح بالاستثمار الأمثل للمساحة التي تقدّمها الشبكات المُمَكّنَة للجماهير للعمل التواصلي الاســ مي، فبدون المــوارد الفكرية يفتقر الفعل التواصلي للتعامل اســتراتيجيّا مع المعلومات وتأطيرها فكريّا، بحيث تمثّل الفاعلية المنطلقة من هذه المعادلة الناقصة في هذه الحالة مجرد تعبير عن الغضب والاحتجاج دون تحديد واضح للأهداف أو تأطير متطور لهذه الأهداف، بل والوســائل المستخدمة لتحقيقها. في المقابل، بدون الموارد المشاعرية تفتقد هذه الفاعلية إلى القوة الدافعة للانطلاق والاستمرار. بالإضافة إلى هذا التباعد بين الفكري والمشــاعري في شــبكات الشــباب المتدين للمتدين " ، يظهر أيضًا غياب " المتدين المتحمس " و " المتدين المفكر " اليوم، أي بين . ذلك المتدين المتخصص في التحليل الشــبكي، وفي مناهج العلوم " المتخصــص الاجتماعية، وفي الاقتصاد، والاقتصاد السياسي، والعلاقات الدولية بخلاف النموذج الذي غلب على الإســ ميين التقليديين وما زال منتشــرًا إلى حدّ كبير: الطبيب أو بالثقافة والسياســة، بل ذاك الــذي يملك معرفة تقنية تخصصية " المهتم " المهنــدس في مجال ما. وقد بيّنت دراســة حملة مقاطعة المنتجات الفرنســية إلى فقر الأفكار الاقتصادية والسياسية عند المشاركين، حتى وإن مثّلت كميّا جزءًا كبيرًا من تدويناتهم، وتبقــى ذات طابــع اجتهادي غير تخصصي. إذن، حتى تتحول نقاط التقاء الشــباب المتدين الرقمية إلى مراكز محورية في الشــبكات وتستفيد من المساحة التي تقدّمها الشبكات المُمَكّنَة للجماهير، من المهم تجميع الموارد الفكرية والمشاعرية والتقنية التي تســمح بأعلى مســتوى ممكن من الفاعلية والتأثير في ظل القيود التي تفرضها البنية الشــبكية الدولية عليها. هذا لا يعني أن الفعل التواصلي الإســ مي من خلال الشبكات المُمَكّنَة للجماهير سيحل محل العمل الإسلامي التقليدي، لكن على الأقل

Made with FlippingBook Online newsletter