العدد 12 من مجلة لباب

163 |

ج- منهج الدراسة اعتمدت الدراسة منهجًا تركيبيّا يشمل تحليل المضمون، والمنهج التاريخي، والمنهج النسقي. ويشكّل منهج تحليل المضمون العمدة في دراسة محتوى الدساتير والقوانين في صلتها المباشــرة والضمنية بالدّين والتدين في إطار ضبط الحياة العامة، وتســيير شؤون الدولة وتنظيم المجتمع، سواء تعلق الأمر بإلحاق مصطلحات حديثة بالمجال الدستوري أو تفعيل مضامين تشريعية كانت موجودة. وتأتي المناهج الأخرى مكمّلة، وتكمــن أهميتها في تزويد البحث بآليات منهجية لتتبع الظاهرة الدينية، وتفاعلها مع .) 5 الأنظمة الدستورية المقارنة( وتهدف الاســتعانة بالمنهــج التاريخي إلى تتبع التجربة الدســتورية الإفريقية طوال العقــود الماضيــة في ظل الأنظمة الحاكمة التي آثرت فــي الغالب الأعم مصالحها الشخصية، وجعلت من ذلك قاعدة للحكم وممارسة السلطة، ولم يكن الالتفات إلى القانون الأساسي للدولة إلا استثناء حتى هبّت رياح التغيير التي صاحبت المؤتمرات الوطنية تسعينات القرن المنصرم فانفرجت معها الحياة السياسية لينفسح المجال أمام التطورات الدستورية بما في ذلك الأبعاد الدينية. ويهتم المنهج النسقي بدراسة الظواهر السياسية في علاقتها بالنسق الاجتماعي العام؛ حيث يتبادلان التأثير. وقد فرض تداخل الاعتبارات الداخلية والخارجية على المُشَرِع والسياسي الإفريقي استجابةً لدور المؤسسة الدينية وتداعياتها على تدبير الشأن العام، فيمــا أدى انتشــار الإرهــاب وعجز الدولة عن محاربته إلــى التمترس خلف الدين والإجراءات " قانون الإرهاب " لامتصاص تبعاته والحيلولة دون تمدده عبر تشــريع الأمنية المتشــددة. وصار توظيف الدين من الدولة والمنظمات الدولية والجماعات الإرهابيــة مجال تنافس محتدم بين الأطراف، إلى جانب حاجة الشــعوب الإفريقية للحفاظ على هوياتها وانتماءاتها أمام طغيان العولمة منْعًا للذوبان والاضمحلال. د- الدراسات السابقة لعل هذا النوع من الدراســات المتعلق بثنائية الدين والدستور، العقيدة والقانون، لم يســتوف حقه من البحث والاســتقصاء، وذلك لحداثة التجربة الدســتورية الإفريقية المعاصــرة، وللظروف التي صاحبتها، ويمكن إرجاع ذلك إلى جملة من التقديرات، منها:

Made with FlippingBook Online newsletter