العدد 12 من مجلة لباب

181 |

وينبغي الإقرار بأن العلاقة الثنائية بين الســلطة السياســية والدين معقدة وديناميكية تتنوع أطرافها وتتباين مستوياتها وتختلف الغايات منها، وتزداد الصعوبة في دول لا تمتلك قرارها ولا تُوفِي بواجباتها السياســية تجاه شــعوبها، وليس لخرق المتطلبات الدينية أو القفز عليها أي تبعات جنائية (مجرد مبادئ توجيهية ومحددات إرشــادية) يحاسب عليها القانون. ولا يمكن إرجاع السلم الاجتماعي ولا احترام المعتقدات الدينية إلى العلمانية التي دخلت القاموس السياسي الإفريقي مع الدولة الموروثة عن الاستعمار؛ إذ إن طبيعة الاجتمــاع الإفريقي قائمة على تعدد الأعراق والأديان والثقافات وأنماط العيش كما تكشــف مدنياتهــا المتعاقبة على مرّ الأزمان، من دولــة غانا القديمة، مرورًا بالملك النجاشي رسوًا عند التجارب المعاصرة. ) في مجال التعليم للدول ذات الأغلبية المسلمة مث 26 لقد كان من تبعات العلمنة( تفويت فرصة محو الأمية، ورفع نســبة التعليم، على الفاعل الديني بقارة ترتفع فيها نسبة الأمية، وحرمان الدولة من بعض الموارد الاقتصادية في المجال الخيري بتمكين مواطنيها من أداء واجباتهم الدينية المالية، وهذا لا ينافي كون القاعدة القانونية قاعدة مجردة وشاملة وأنها وقعت في محلها. وتحاول بعض البلدان استدراك ما فات عبر إنشاء مؤسسات الوقف الخيرية كما حال السنغال مع الهيئة العليا للوقف علمًا بأن المجال الخيري النفعي لا يزال حاضرًا بقوة في الدول الليبرالية ممثً في الصناديق ذات النفع العام للمواطنين. ومن المهم الإشــارة إلى أنه في غرب إفريقيا بالخصوص تتســع دائرة المؤسســات الدينية التدبيرية من خلال إحداث وزارات الشــؤون الدينية، وتحكيم الشــريعة في شــمال نيجيريا، وتنامي تأثير المجلس الإســ مي الأعلى بكوت ديفوار في القضايا الوطنية والحفاظ على الهوية الإسلامية لمسلمي الدولة. ولا تزال بعض الحكومات تنظــر إلى الشــأن الديني من زاوية أمنيــة ملحقًا بوزارة الداخلية، كما هي الحال في النيجــر؛ حيث إن الجهة الوصيــة على هذا القطاع تتمثّل في وزارة الداخلية والأمن الوطني والشؤون العرفية والدينية. وقد ضربت الحكومات الإفريقية على علمانيتها طوقًا من الحصانة عبر آليات تشريعية، منها: - العلمانيــة غيــر قابلــة للمراجعة، ما يجعلها ركيزة أساســية في العمل السياســي

Made with FlippingBook Online newsletter