العدد 12 من مجلة لباب

| 36

تفسير العديد من الظواهر الاجتماعية والسياسية والثقافية المُعقّدة بعامل يتيم وحاسم، )، والقوميات، والإمبراطوريات، 124 إنه الاتصال وعُدّته التكنولوجية، مثل: الحروب( والثقافة، والكتابة، والفنون، وتشــتّت الحواس وتنافســها وتوازنها. فالميديا من هذا المنظور ســبب ونتيجة في آن واحد. فالورق من منظور ماكلوهان كان ســبب قيام ) 125 الإمبراطورية الرومانية وسبب فنائها!( تتجدّد الخطابات الطوباوية مع كل مبتكر جديد في تكنولوجيا الاتصال فتَعِد البشرية بثورة عارمة تقضي على كل مشــاكلها وما تعانيه من صعوبات في شــتى المجالات. ومــا انفكــت قائمة منتجي هذه الخطابات تتمــدد، يأتي في صدارتها كل من هاورد )، وبيار Joël de Rosnay )، وجويــل دي روزناي ( Howard Rheingold رينغولــد ( )، ولن يكون آخرها دان Manuel castells )، وومانويل كاستلز ( Pierre Lévy ليفي ( ). إنهــا الخطابات التي تغذّي المخيال التقني المنفصل عن Dan Gillmor غيلمــور ( الممارســات الاجتماعية الفعلية والملموســة التي تدفع إلى الإيمان بأن التكنولوجيا يمنح تقنيات الاتصال " ليســت كيانًا ماديّا فحســب، بل إنها معطى أيديولوجي أيضًا .) 126 ( " ســلطة معياريــة تجعلها العامــل الأول في تنظيم المجتمع وإعطائــه معنى الأيديولوجيا " فالمبالغــة في دور التكنولوجيا الحاســم في المجتمــع هو ضرب من ) التي تَعِدُ البشرية بوعود وردية تروم تفسير الواقع بإخفائه. فوراء 127 ( " غير المرئية على ســبيل المثال -وإظهاره بأنه يجسد " الويب التشــاركي " الخطاب الاحتفائي بــ التحول التكنولوجي الحاسم، والتطور الثقافي الكبير، ومؤسس عصر سياسي ومجتمعي مع الصناعات الاتصالية والثقافية "2 الويب " جديــد- يختفي واقع آخــر، يندمج فيه ). والخطاب الذي يروّج للميديا الاجتماعية، 128 التي تتكيّف باســتمرار مع السوق( مثل موقع فيسبوك، ويبرزها كمنصة رقمية للتحرر من الوساطة الاجتماعية والسياسية )، يحجب ما يثبت بأنها تسهم، أيضًا، 129 ومؤسساتها المتسلطة ذات التراتيبية الهرمية( بفاعليــة فــي إعادة إنتاج الذاتيات التي تجدّد تكيّفها مع المجتمع التجاري، فقدارتها المســتخدم بناء على ذوقه، وما يستهلكه، وعادات هذا " بروفايل " تُمكّنها من رســم الاستهلاك. وبهذا يسهم هذا الموقع في بناء هوية المستخدم/الزبون/المستهلك أكثر هويته " العام فإنه لا يُســقط " بروفايله " من المواطن/المناضل. وإِنْ ظهر نضاله في بل يخدمها. ففي مواقع التواصل الاجتماعي كل شيء يتحوّل إلى سلعة " الاستهلاكية لها قيمتها التبادلية.

Made with FlippingBook Online newsletter