العدد 12 من مجلة لباب

79 |

الأسعار والتكاليف وتوجّه حوافز الاستثمار نحو الأنشطة الريعية والاكتنازية والهروبية لتزيد تسربات الفائض الاقتصادي بعيدًا عن التجديد الاجتماعي المُنتج؛ فتعزّز فجوة التشغيل الأولية وتبدأ الدورة من جديد. وحيث تسهم كافة الفجوات في إهدار وتسرب القيم من الاقتصاد الوطني، كما تعزّز بعضها بعضًا، على ما تبيّن؛ يكون تفاقم مديونيته نتيجة حتمية، لا يمنع انفجارها سوى تدفق المكاسب الهامشية المتعلقة بالدور الذي تؤديه الأطراف في الاقتصاد الدولي، كصادرات القطن والنفط، فضً عن الموارد العَرضية غير المستدامة غير البعيدة عن ذلك الدور؛ كعائدات تصدير العمالة المصرية فترة الطفرة النفطية التي أوشكت على الانتهاء، والمســاعدات الخارجية الهائلة المتصلة بالموقع الجيوبوليتيكي المتراجع. وحيث تتســم تلك المكاسب والموارد بالتدهور التاريخي نتاج تدهور معدل التبادل الدولي للأطراف عمومًا، مع تطور تقسيم العمل الدولي تقنيّا (بتراتبيات سلع وطرائق إنتاج جديدة) واجتماعيّا (بتغيرات المسارات الجغرافية لسلاسل القيم المرتبطة بها)، مقابل التفاقم المستمر لمديونية النمط الإنتاجي المتدهور؛ تتفاقم الدوافع للاقتراض الداخلي والخارجي بشــكل ينتهي دومًا لعملية تبريد خســائر وجدولة ديون، بأثمان سياسية واقتصادية معًا؛ لكسب بعض الوقت، حتى تتأزم توازنات الحلقة الخبيثة مرة أخرى وتبدأ معها دورة مديونية واقتراض، وتعويم وجدولة، جديدة. متجددة " دورات اقتراض " وهكــذا لا تجد الدولــة الطرفية بديً عن الدخول فــي مــع كل تأزم في حلقة تمويل الفجــوات المزمنة، خصوصًا مع عدم قدرة معدلات النمــو الكمّية -قليلة القيمــة والمتقلبة بطابع النمط هوائي الإنتاجية- مهما ارتفعت، علــى تقديم حلول جذرية للفجوة الأم (التشــغيل) وبناتها الثلاث (التجارة والمالية والنقد)، ولا للمديونية المتفاقمة بالتبعية؛ بســبب وقوع الاقتصاد المصري، الطرفي مصيدة " التابع موقعًا، الضعيف الإنتاجية مرتفع الفقر موضعًا، ضمن ما يمكن وصفه بـ ، التي تعبِر عن حجم الطلب الاجتماعــي المكتوم بضعف القوة " الطلــب المكتــوم الشــرائية (نقيض الطلب الفعلي الكينزي)، والذي بمجرد تحقق أي زيادة في النمو أو الدخل؛ يتحوّل إلى طلب فعلي فورًا؛ مُحوً تلك الزيادة إلى الاســتهلاك بما لا يســمح بانخفاض الميل الحدّي للاســتهلاك، وارتفاعه للادخار؛ فلا يرتفع الادخار الدفعة " ) بما يســمح بتفعيل دينامية تســارع النمو، وذاتيته، وتحقيق 76 والاســتثمار( الكلاسيكية الضرورية، التي يتحدث عنها منظّرو التنمية دومًا. " القوية وجديــر بالذكر في هذا الســياق، أن معدلات النمــو الكمّية الناتجة ضمن نمط نمو المديونية الهيكلية هذا، لا تمثّل بهذه الصورة معدلات نمو حقيقية فعلية، حتى بعد

Made with FlippingBook Online newsletter