| 158
وينقل اللغة من مســتوى التواصل المجرد إلى مســتوى تغيير الممارسة الاجتماعية. ونلاحظ هذا التغيّر في شــكل الممارســة اللغوية والممارســة الاجتماعية على حد ســواء؛ ويتجســد ذلك على المستوى اللغوي في الفرق بين بلاغة الحرب المجازية وبيــن حقائــق الجائحة الواقعية، وعلى المســتوى الاجتماعي فــي الآثار الإدراكية والأيديولوجية التي تستلزمها الاستعارات الحربية، مثل: عَسْكَرَة المجال الطبي وتغيير قواعد الممارســة المهنية، وتوسيع دائرة العداء بين البشر، وتوليد خطابات الكراهية والتخويــن والعنصرية، وتحويل إجــراءات الصحة العامة الوقائية إلى أدوات للرقابة الاجتماعية، وغيرها من الآثار والتحولات. وتؤكد نتائج البحث ما توصل إليه بعض الدراسات السابقة بخصوص سهولة وفعالية اســتخدام استعارات الحرب في بعض المجالات والأحيان. وفي هذا الإطار، وجد الحربية تساعد في زيادة الحذر والتحوط، وتشجع 19 الباحث أن استعارات كوفيد- البشــرية على التوحد ولو لمواجهة عدو مشترك، وتُعْلي من قيم التضحية والبطولة، وتوضح اهتمام بعض الدول بحياة وكرامة مواطنيها. لكن من جانب آخر، تؤكد نتائج الحربية لها آثار سلبية قد تؤثر على مستوى 19 الدراسة أيضًا أن استعارات كوفيد- التي " البيئة الخطابية " الخطاب والممارسة، على المدى القصير والبعيد، ولربما كانت نشّــطت الذاكرة الإدراكية لاستخدام موارد واســتعارات الحرب في جائحة سارس هي ذات البيئة الخطابية التي جعلت اســتخدام اســتعارات الحرب ممكنًا وفعاً مع الحربية موارد 19 . وهكذا يمكن أن توفر اســتعارات كوفيــد- 19 جائحــة كوفيد- إدراكية إضافية للاســتخدام المســتقبلي عند ظهور أي أمراض وبائية أخرى جديدة. وبهذه الطريقة سنجد أن أجواء الحرب والتوتر ستكون مستمرة في السيطرة على بيئتنا الخطابية وممارستنا الاجتماعية للغة. ولحل مشــكلة الآثار الســالبة للاستخدام المفرط لاســتعارات الحرب في المجال خصوصًا، تقترح الدراســة 19 الصحــي عمومًا واســتخدامها فــي خطابات كوفيد- مســارين قد يســهمان في حل هذه المشــكلة، الأول: عدم الإفراط في اســتعارات الحرب واســتخدامها بوعي وحساســية أعلى عند اقتضاء الضرورة. والمسار الثاني: اقتــراح مجــالات مصدر بديلة لمصدر الحرب لتكون أكثر فعالية وأكثر مواءمة لقيم الكرامة والعدالة الإنسانية. إن التحليل النقدي للاستعارة لا ينبغي أن يهدف فقط إلى الوصول إلى الهياكل المفاهيمية وكشف انحيازاتها وتلاعبها بالإدراك الاجتماعي؛ إذ
Made with FlippingBook Online newsletter