العدد 9 - فبراير/شباط 2021

| 228

فرضية تمجيدية لدور المســيحيين في الشرق الأوسط بوصفهم نخبة متعالية ورافعة للحداثة. كما تَجَسّد هذا النّفَس الانحيازي في مقاربة المسألة الكردية على يد باحثة هي في نفس الوقت مناضلة من أجل هذه القضية، وبالتالي مناهضة للسياسة التركية. وهو أمر يجدد طرح ســؤال الموضوعية في العلوم الاجتماعية؛ حيث الباحثُ ذات حاملةٌ لموقف وعلى مسافة تقترب أو تبعد من الموضوع. ومع تشــعب التحليلات بتشــتت قضايا الشرق الأوسط واتســاع نطاق التفاعل بين وحداتــه الداخلية أو بينه وبين المحيط الإقليمــي والدولي، فإن مقارنة زوايا الرؤية بالنســبة لعدد من الأوراق المكوّنة للكتاب تشــير إلى انتقال مركز ثقل التأثير إلى خارج المجال العربي في الشــرق الأوســط، لاسيما بروز قوتين بمطامح استراتيجية كبــرى من قبيل تركيا الأردوغانية وإيران. ويتعلــق الأمر بجدلية طرفاها نزول قوى إقليمية بثقلها مقابل النزعة الانسحابية لترامب التي تجسدت في العراق وأفغانستان. بين شرق أدنى في الطريق إلى الاندماج وشرق أقصى مؤهّل ليكون خصمًا لغرب " مهيمن، يبدو الشــرق الأوســط بمنزلة صلة وصل متمــردة، هامش وفضاء مواجهة ).. هذه الفقرة من اســتهلال الكتاب تكشــف الزاوية الرئيســة التي يُقارِب 6 ( " دائمة منها هذا المجال الاســتراتيجي، وهي زاوية تحليل بؤر الصدام وتفاعلات اللاعبين في بحث كل منهم عن مواقع امتياز وتفوق على حساب الآخرين. ولذلك، فإنه من المفهوم غياب بُعد استشــرافي يتطلع إلى عكس هذا المنحى الصدامي واستكشــاف إمكانيــات الانتقــال من الصــراع على المواقع إلى بناء مجال تعاون وســ م. فعبر مقالات الكتاب، ترتسم صورة الشرق الأوسط أسيرًا للعبة دولية تخترقه منذ قرون، باســم العقائد ومطامح الغزاة والنفط واســتراتيجيات التموقع والريادة في ظل يقظة قوى إقليمية ودولية تستند على ذاكرة الهيمنة والتصدر. كما ينبثق اتجاه متحفظ تجاه توقع مآلات الواقع الاســتراتيجي، وهو ما يُفسّره زمن إعداد الكتاب في فترة سابقة على الانتخابات الأميركية وسط غموض بشأن حظوظ إعــادة انتخاب دونالــد ترامب؛ ذلك أن معظم التحليلات قائمــة على نقطة النزعة الانسحابية الأميركية التي تبنتها الإدارة الحالية تكريسًا لما دشنه المحافظون الجدد، وهو واقع مرشــح اليوم ليتزحزح ولو بشــكل بطيء في الإدارة الديمقراطية الجديدة لجون بايدن. مــن جهة أخــرى، ولأن أي كتاب -ذا طابع تركيبــي وتلخيصي من هذا النوع- لا

Made with FlippingBook Online newsletter