العدد 10 - مايو/أيار 2021

| 104

بعيدًا عن منطقة الأكثرية الشيعية أو الأكثرية السّنّية، وهو ما فتح أبواب تغيير خريطة العراق السياسية والسكانية بشكل كبير؛ حيث هاجر معظم سُنّة البصرة إلى الموصل وتحرك سُنّة بغداد نحو الأنبار وكذلك فعلوا في ديالى وسواها. إن اعتماد بعض المكونات السياسية هذه الطريقة في بسط نفوذها المناطقي للإمساك بالسلطة في العراق حوّل الكثير من مناطق البلد إلى مناطق نفوذ حصري بطائفتهم أو مُكَوّنهم، بل إن هناك مدنًا كاملة مُسِخَت، وأخرى جرى تغيير اسمها كما حدث في جرف الصخر بمحافظة بابل التي أصبحت (جرف النصر). وتُمثّل محافظة ديالى النموذج المصغر للتغيير الديمغرافي الذي يحدث في العراق، فبعد أن كانت تعرف تنوعًا دينيّا وعرقيّا متوازنًا بين الشيعة والسّنّة والأكراد، بالإضافة إلى أقليات أخرى، لحقتها تغييرات ديمغرافية بارزة بســبب تمكن الميليشــيات الشيعية من بسط نفوذها هناك وفق رؤية اســتراتيجية شــديدة القوة تجاه تأمين هذه المحافظة على الحدود .) 44 الإيرانية( الأكــراد أيضًا متهمون باســتغلل الحــرب ضد تنظيم الدولة لضــم بعض المناطق المحررة إلى سيطرتهم، واتّهَمَت منظمة العفو الدولية قوات البشمركة بإحداث تغيير ديمغرافي لصالحهم، وقالت دوناتيل روفيرا، كبيرة مستشاري التعامل مع الأزمات في قوات حكومة إقليم كردســتان على ما يبدو، تقود حملة " منظمــة العفو الدولية: إن منســقة لتشــريد المجتمعات العربية عمدًا عبر تدمير قرى بالكامل في المناطق التي )، وبالطبع، 45 ( " انتزعوا السيطرة عليها من تنظيم الدولة الإسلمية في شمال العراق فإن أخطر ما في هذا الأمر وأكثره حساسية كانت محاولات ضم كركوك إلى إقليم كردستان بعد تحريرها من سيطرة تنظيم الدولة*. ويُعــزى تراجع أركان الوحدة الوطنية العراقية إلى انتشــار عمليات القتل والخطف والتهجير في عموم العراق، وربما كان المسيحيون هم أكثر الجماعات التي تعرضت ). وفي الموصل، وتحديدًا بعد سيطرة تنظيم 46 للتنكيل والتهجير والتفجير لكنائسهم( الدولة عليها، أُمْهِل المســيحيون الموصليون أســبوعًا واحدًا لتقرير مصيرهم، ووزع اعتناق " التنظيم بيانًا على ســكان الموصل وضع للمســيحيين فيه أربعــة خيارات: دولارًا)، أو مغادرة المدينة 450 الإســام، أو إعطاؤهم عهد الذمة بعد دفع الجزية ( . وجاء في البيان أن ممتلكات (النصارى) في المدينة " مــن دون أي أمتعــة، أو القتل " ن " ، وذلك عقب وضع حرف الـ " الدولة الإســامية " تعــود ملكيتها منذ الآن إلى

Made with FlippingBook Online newsletter