العدد 10 - مايو/أيار 2021

109 |

عمل لحوكمة الدولة الفعالة، ويُلقي العراقيون اللوم عليها لمســؤوليتها عن صناعة ، كما ذكرنا، كدافع " النزعة المحلية " الإرهاب في العراق. ومن أجل ملء الفراغ، تبرز مهيمن للهوية الذاتية. ولا تطــرح النزعة المحلية نفســها دائمًا بطرق إيجابية؛ حيث تســتعيض أحيانًا عن الوطنيــة بهويــات حصرية بالقدر عينه تؤدي مثلً إلى تجديد التركيز على العشــيرة كهيكلية تنظيمية للمجتمع المحلي. ولكن النزعة المحلية ســتحدّ بوضوح من تأثير الهيمنة الطائفية أو الشــوفينية وتقلّل من قدرة المســتفيدين من الفتن الطائفية على حشــد الجماهير بناء على أســس واســعة مثل الانتماء الديني والطائفي أو القومي. أي إن الأقليات في العراق وخلل عشــر السنوات المقبلة ستعزز وتكرس انتماءاتها المحليــة وســتحاول الحصول على وضع محلي معتــرف به عرفًا أو قانونًا يَحُدّ من تدخل الفئات الأكبر والمختلفة قوميّا أو دينيّا (طائفيّا)، ومن اضطهادها. فبالنســبة للأكراد الذين يتمتعون بحكم ذاتي منذ ســبعينات القرن الماضي ســرعان ما تحوّل إلى صيغة متقدمة جدّا في إدارة شــؤونه ورعاية مصالحه تشــريعيّا وتنفيذيّا . ووفق هذا السيناريو، فإن الأكراد، وبعد فشلهم " إقليم كردستان " وقضائيّا تحت اسم ، في تحقيق اســتقللهم التام عن العراق، ســيعززون مكاسبهم 2017 في خريف عام من الدستور العراقي 140 وحدود إقليمهم الحالية مع التمسك بالمطالبة بتنفيذ المادة حول المناطق المتنازع عليها. كما ســيتم تجاوز المشــاكل المترســخة بين القوى السياسية في محافظتي أربيل والسليمانية من خلل تقاسم الموارد وتوحيد الصفوف والمواقف تجاه القضايا الوطنية العراقية دون الولوج في مشاكل هذه القضايا. وبالنســبة للمسيحيين، ومن خلل هذا الســيناريو، فإنهم وبعد مواجهتهم -مثل بقية الأقليات الدينية الأخرى في المنطقة- الخيارات المســتحيلة، وهي البقاء أو مغادرة العــراق ومناطقهم التاريخية كســهل نينوى، ورغم الدعم الــذي وُعِدوا به من قبل الولايات المتحدة إلا أنهم ما زالوا بين نيران الاســتغلل الكردي لقضيتهم وسيطرة ميليشيا الحشد الشعبي على مناطق ذات وجود مسيحي مهم. إن قراءة هذا السيناريو تميــل إلى أن مســيحيي مناطق شــمال العراق كســهل نينــوى والموصل وكركوك سيضغطون للحصول على الحكم الذاتي واعتبار منطقة سهل نينوى محافظة خاصة بهم؛ حيث يؤكد إصرار نســبة مهمة من المســيحيين العراقيين على التمسك بالبقاء؛ لأن المسيحية بالنسبة إليهم ليست مجرد إيمان، بل ارتباطًا بمكان ولغة وجنسية وهو ما لا يتحقق بالهجرة من العراق.

Made with FlippingBook Online newsletter