العدد 10 - مايو/أيار 2021

| 120

مقدمة شهد العالم في العشرية الأخيرة من القرن العشرين تغيرات جوهرية مَسّت بنية ونمط العلقات الدولية على مســتويات مختلفة، سياسية واقتصادية وثقافية. هذه التغيرات تركــت بصمات بارزة، واســتدعت مقاربات جديدة لإيجــاد حلول لظواهر لم تكن موجــودة من قبل. ولعل التطــور التكنولوجي وبروز وســائط التواصل الاجتماعي كان لهما الأثر البالغ في نســيج المشــهد الجديد للعلقات الدولية، وتأثيرهما على الدبلوماسية كأداة لتنفيذ السياسة الخارجية التي تروم تجسيد المصالح الوطنية. لقد أنتجت ثورة الإعلم الرقمي، وبروز الفضاء الأزرق، منصات رقمية غَدَت جهازًا عصبيّــا يرتكز عليه المجتمــع الدولي، وتتفاعل عبره الوحدات الفاعلة فيه، ســواء الرســمية منها أو غير الرســمية. هذه التغيرات على المستوى الأفقي، فرضت تغيرًا على المســتوى العمودي، أي التفاعل بين المجتمعين، السياسي والمدني، ورسّخت لدى العديد من صانعي القرار أهمية هذه الوســائط الجديدة في صنع السياســات، فبرزت الدبلوماسية الرقمية. إن التجاذبات الجيوسياســية بين مختلف الفاعلين على الســاحة الدولية هدفها بناء مجــالات حيويــة ومناطق نفوذ. وأضحت آلية الدبلوماســية الرقمية مخرجًا لترويج الرؤى، وتقويض مقاربات الدول في قضايا الصراع حول المصالح المتنافس عليها، مــا دفع بدول إلى تشــجيع مصالحها الدبلوماســية على توظيف وســائط التواصل الاجتماعي كجزء محوري في نشاطاتها، واعتبارها أداة إيجابية لتعزيز مصالحها. . الإجراءات المنهجية للدراسة 1 أ- المشكلة البحثية تحاول الدراســة استكشــاف عوامل انتقال مراكز الثقل في الممارســة الدبلوماسية من الســفارات إلى المنصات الرقمية، وتآكل احتكار الدبلوماســيين للمعلومات في ظل التطور التكنولوجي والشــفافية في المعطيات، التي أَسّست لها الرقمنة ووسائط التواصل الاجتماعي. وتبحث الدراسة سؤاً إشكاليّا في صيرورة الدبلوماسية: لماذا الانتقال نحو الدبلوماسية الرقمية؟ وما تأثيرات هذه الوسائط على العلقات الدولية؟

Made with FlippingBook Online newsletter