العدد 10 - مايو/أيار 2021

| 160

دون اســتمرار ربط الملكية بالإســام، والذي صار يعني ارتبــاط الملكية بالمفهوم الديني للسلطة، ولذلك لم يستطع إصدار أول دستور للبلد أن يُغيّر الطبيعة التقليدية لســلطات الملك. فالدســتور الذي خضع للســيطرة الملكية جعل سلطة الملك هي الموجّهــة مــن منطلق مبدأ وحدة القوة؛ حيث الملــك هو القوة الثابتة الوحيدة، في حين أن جميع القوى السياســية الأخرى عابرة، وهو ما مكّن في المســتقرّ من هيمنة الملك على جميع جوانب السلطة السياسية. وبحكم أن فكرة الدســتور نفســها غريبة عــن الثقافة العربية الإســامية؛ حيث تم اســتيرادها من أوروبا بعد مرحلة أَسْــلَمَة الدســتور، فقد تأثر أول دســتور للمغرب بذل الملك الحسن الثاني جهدًا لدفع " ، و 1958 المســتقل بالدســتور الفرنســي لعام برلمانًا مؤلّفًا من 1962 الملكيــة التقليديــة باتجاه بنى برلمانيــة. وقد أقام دســتور ) وحكومة موازية؛ ليعمل على تكديس النظام لصالحه من خلل استثماره 5 ( " مجلسين مع هيكل دســتوري يمكنه، بطبيعته المركزية " مع الســلطة القومية والدينية، وتكييفه وشبه الرئاسية، أن يستوعب ملكا قويّا، مشابهًا لرئيس فرنسا، يحكم جنبًا إلى جنب مع رئيس وزراء أضعف. وإلى هذا الهيكل الدستوري الأوروبي المعترف به، أضاف الحسن الثاني ومستشاروه جسمًا قوميّا إسلميّا دمج بين أشكال سياسية قانونية غربية .) 6 ( " وأعراف دينية قومية أُعيد ابتكارها لكــن على الرغم من الحداثــة المفترضة في الدولة المغربية إلا أنها لا تخلو مطلقًا من دعائمها التقليدية الدينية، فحتى الدولة الحديثة وهي تســمح بانغراس الأعراف العلمانية في مؤسســاتها، فإنها لم تســع إلى التخلي عن الاستخدام العتيق للإسلم الرسمي لشرعنة السلطة السياسية. هكذا إذًا، ومع أن الدستور المغربي يدمِج النمط الغربي للحكومة في نظام الحكم، فإنه يحافظ على المبادئ التقليدية للســلطة وفي مقدمتها مبدأ الشورى، لكن الملك الحسن الثاني فَهِم الشورى كنصيحة غير ملزمة، في الوقت الذي تُرادف الديمقراطية شبّه الملك دور البرلمان بمجلس الشورى، وهو منتدى " حكمَ الأغلبية الملزمة؛ حيث )، أي إنه اتساقًا مع التقاليد الإسلمية، 7 ( " للتشــاور يقدم له المشــورة والاقتراحات فالبرلمان والمجالس المحلية المنتخبة هي فقط فروع استشارية للسلطة الملكية. ومن الجوانب الإســامية للملكية المغربية التي عمل الدســتور على وسمها بالطابع المؤسســي هناك مفهوم التفويض. وإذا كانت الممارســة القضائية هي إعادة صياغة دســتورية للممارســة التقليدية للتفويض؛ حيث يقوم الخليفــة المكلف إلهيّا بإقامة

Made with FlippingBook Online newsletter