العدد 10 - مايو/أيار 2021

| 242

. الإثنية الفيدرالية مقابل المشروع الوحدوي 2.3 تكمن مشكلة الصراع التاريخية والحديثة في إثيوبيا في النزعة الإثنية والهوية القومية ومدى ملءمة النظام الفيدرالي الإثني لأن يكون نظام حكم يورث اســتقرارًا سياسيّا ونهضــة اقتصاديــة لإثيوبيا. وعلى ما يبدو، أصبحت الإثنيــة الفيدرالية الراهنة حاليًا ، وحلّ محلها شــعارات الهوية القومية 1974 جوهــر الصراعــات المتكررة منذ عام التــي رافقتها فلســفة البنادق التي يعلو صوتها تــارة وتخبو جذوة نارها تارة أخرى، ولعــل النزاع المســلح في إقليم تيغراي هو انعكاس لمــا ترتب على إرث الأنظمة الإثنية التي قامت على أســاس هيمنة قومية (الأقلية) وتفردها بالحكم على حســاب قوميات أخرى (الأكثرية)، أي طبقًا لفلسفة الحكم المبنية على نظام الفرد وبيروقراطية الإقطاع والثورة المسلحة. ولهذا قامت الفلسفة السياسية للجبهة الثورية على تقديم باعتباره العلج الناجع لماضي البلد. " الفيدرالية الإثنية " نظام ، غيّر المعادلة والفلسفة السياسية 2018 لكن وصول آبي أحمد إلى سدة الحكم، عام (وتعني باللغة "Medemer" للبــاد، وأتى بفلســفة جديدة للحكم، تُعرف محليّا بـــ الأمهرية: معًا أو التآزر)، وتسعى لتقديم أطروحة مغايرة تمامًا تقطع مع نظام الفيدرالية يجادل آبي أحمد بأن القومية الإثنية يمكن أن تمضي يدًا بيد مع ما يدعوه " الإثنية؛ إذ . وكخطوة عملية لإصلح " ، والتي تركز على الحقوق الفرديــة " القوميــة المدنيــة " بـ نظام الحكم في البلد، تبنّى آبي أحمد سياســة مغايرة ومخالفة تتعارض مع قوانين النظام الفيدرالي الإثني التي تتأسس على شمولية المركز وتعزيزه بالقبضة العسكرية والتحالفات السياسية، وأجرى سلسلة من الخطوات بدأت بحلّ الجبهة الديمقراطية الثورية لشعوب إثيوبيا، والتي أوصلته إلى الحكم، إلى جانب دمج الكيانات الأربعة المكوّنة لها في حزب واحد، وأطلق عليه اســم حزب الازدهار، لكن هذه السياســة الجديدة ســرعان ما تعرضت في النسق السياسي والاجتماعي إلى هزات وارتدادات عنيفة، وخاصة من قومية التيغراي المتمثلة في جبهة تحرير تيغراي، إلى جانب حالة نفــور من قومية الأورومو التي ينتمي إليها آبي أحمد، وتطورت تلك الخلفات إلى انــدلاع ثــورات في إقليم الأورومو بعد اعتقال جوهــر محمد، القيادي البارز الذي يحظى بشعبية كبيرة في الوسط الإثيوبي. ولا يزال مستقبل إصلح النظام السياسي، والتحوّل من نظام فيدرالي إثني إلى نظام حكــم مركزي، غامضًا وغيرَ واضح المعالم؛ إذ إن رفض قومية الأمهرا والأورومو،

Made with FlippingBook Online newsletter