| 78
الطبيعة أيضًا. فالتليفزيون العمومي كان يروم تحقيق الوظائف التالية: الإعلم، والتعليم والتثقيف والتسلية، بينما التليفزيون الخاص كان يهدف إلى تحقيق غاية تجارية عبر التركيز على الترفيه الذي يستقطب أكبر عدد من المشاهدين. بينما يسعى التليفزيون المعاصر إلى إقامة علقة مع المشاهدين والحفاظ عليها، وولوج المجموعات البشرية الموجودة في جيوب شبكة الإنترنت. يبدو أن تحقيق هذا المسعى في البيئة الرقمية أصعــب من البيئة التماثلية. لقد لجأ التليفزيون التماثلي إلى جملة من الحيل لشــد المشاهدين وتعويدهم على برامجه، منها على سبيل المثال بث المسلسل التليفزيوني عبر حلقات مترابطة في ساعات محددة من اليوم. أما في الوقت الراهن فقد برزت )، أي مشاهدة كل حلقات Binge Watching ظاهرة ما أصبح يُعرف بنهم المشاهدة ( المسلســل التليفزيوني دفعة واحدة عبر المنصــات الرقمية، مثل نتفليكس أو خدمة التليفزيون وفق الطلب. ولا يمكن تفعيل سياق المشاهدة دون الأخذ بعين الاعتبار تداعيات انفصال المحمول عن الحامل الذي نجم عن التكنولوجيا الرقمية، أي انفصال المادة الإعلمية والثقافية ) وما بين Transmedia عن ناقلها؛ مما ســمح بارتحالها عبر الوســائط المختلفــة ( ). ويؤكد هذا الترحال أن وســائل الإعلم ليســت ظاهرة Intermediacy الوســائط ( مفصولة عن بعضها ولا تراكمًا لها، بل إنها مســار تجري فيه التفاعلت الدائمة بين النصوص. التليفزيونية في بيئة الويب، فلم يعد يتوقف " للنصوص " أما بالنسبة لتأويل المشاهدين على المتغيرات التي برهنت عليها دراسة الجمهور في ظل التليفزيون التناظري، مثل: السن، والمستوى الثقافي، والجنس، والانتماء الاجتماعي، بل أصبح يخضع أيضًا إلى الكفاءة التقنية التي يشترطها مفهوم التملّك الذي تحدثنا عنه أعله، باعتباره المتغير ،) Hypertext الرئيس لكونه يشــكّل عتبة المرور إلى فكّ شــفرات النص المتشعب ( الــذي يعتبر نصّا على نص أو نصّا مفتوحًا. فالكفاءة التقنية تســاعد على اكتشــاف ،) Deepfake ) والصــور والفيديوهات المفبركــة ( Fake News الأخبــار المزيفــة ( ) أو تُمَكّن من ممارستها. Dispersible Texts والنصوص المفتتة ( إنْ كان التأويل يســتعين بالدرس الســيميائي، بهذا القدر أو ذاك، فلبد من تطويع مفردات هذا الدرس ليستوعب التغيير الذي طرأ على النص الرقمي: يمكن اعتبارها بمنزلة معان متعددة لمدونات " الرقمية " إن سيميائية الوصلت والروابط
Made with FlippingBook Online newsletter