حجر الأرض: صراع الغزاة والحماة في أفغانستان

المباشر معهم وأسْرهم. قفز الرجال كل في طريق، قفز بعضهم من الحائط وبدأ إطالق النار. اندفع محمد أعظم راكضا خارج الباب فلمح كومة قش ضخمة في فناء الحائط مخصصة لعلف األغنام فتوارى فيها. وجد نفسه داخل القش وهو يتذكر تعليمات قادته؛ عندما تختبئ عن األمريكي حاول أال تتنفس قدر المســتطاع، اكتم أنفاســك واحبسها جيدا. لم يعد محمد يرى شيئا لكنه يســمع بوضوح، الجنود يصرخون، وإطالق النار يصّاعد، والنســاء يولولن باحثات عن أطفالهن. طال الوقت ولم يتبين له أي شــيء، وبعد وقت سمع إطالق نار متقطعا لكن الجلبة من بعيد لم تنقطع. هل يخرج؟ لعله إن أخرج رأسه سيلمحه أمريكي فيقنصه أو يأسره ليأخذه إلى باغرام أو غوانتانامو أو أحد سجون حكومة كابل. بذل قصارى جهده ليتنفس بهدوء. بعد ساعات فتح ثغرة في القش ممــا يلــي الحائط ووضع منخريه فيها حتــى ال يختنق. ال يدري هل ما زال األمريكيــون هنــا أم ذهبوا. عاش رعبا هائــ ؛ فقد كان يخاف من االعتقال أكثر من خوفه من الموت. حدث نفسه: لو أنني متأكد من أنني إذا خرجت أشتبك معهم ولو باأليدي ثم أقتَل لخرجت، سأكون في جنان الخلد بعد دقائق، لكني أخشى االعتقال. مــرت ســاعات كان بعضهــا ما بيــن اليقظة والنوم. طلــع النهار ثم انتصف. بدأ يشــعر بعطش شــديد. كان ال يعــرف ما الذي يجري؛ فاألمريكيون أحيانا إذا نزلوا يقيمون بالمكان يوما كامال، وأحيانا يشتبكون ويخرجون في ساعة. كان حائرا.

99

Made with FlippingBook Online newsletter