اشتد العطش فبدأ يحاول إخراج رأسه من القش. لم ير أي أمريكي. رأى الحُفَر منتشــرة في المكان، والنســاء يقمن بالتنظيف، وأهل القرية يأتون ويذهبون للمساعدة. مشى خطوات حتى وصل وسط المنزل. تلقته ربة البيت: - أنت حي؟ حمدا لله! فتح فمه المتيبس عطشا: - هل استشهد كل اإلخوة؟ - نعم.. لكن لم نجد جثة خالك. ابن خالك استشهد وحُمل إلى قريتكم ليدفن، لكننا ما زلنا نبحث عن جثة خالك. ثم رفعت المرأة يدها وغطت وجهها: - كالعادة، قام األمريكيون برش وجوه الشهداء باألسيد ليشوهوها.. لكن وجوههم ليست شائهة عند ربهم. - أين جثامين الشهداء؟ - دفنوا كلهم إال خالك نبحث عنه. جلــس محمد أعظم على عتبة الباب مرهقا متعبا مُلْتاع الفؤاد. بعد لحظات اقتربت الســيدة حاملة جرة ماء، فشرب وغسل وجهه ثم وقف ونفض عن مالبسه القش وطلب خبزا. أكل قطعة واندفع بين أزقة الحي منطلقا إلى قريته. اندفع وسط المروج الخضراء وهو يتذكر آخر أحاديثه البارحة مع رفاقه، لكن ذهنه كان مشغوال بالتفكير في صديقه ابن خاله، تذكر ما قالته له الســيدة عنه مــن أن صاروخا ضرب وجهه حتى ذهب نصفه! كيف سأعيش دون صديقي؟ كيف استشهد صديقي وبقيت؟ هل أنا خير منه؟ قطعا ال. اندفع وسط الحقول وهو ينظر يمنة ويسرة. يعرف
100
Made with FlippingBook Online newsletter